ولنرجع إِلَى ذكر محالفة فرنسا مَعَ الدولة الْعلية ونتائجها فَنَقُول ان اتِّفَاقهمَا كَانَ قَاضِيا بَان الدولة الْعلية تجْعَل وجهة حروبها بِلَاد نابولي وجزيرة صقلية واسبانيا عوضا عَن مهاجمة النمسا الَّتِي تتحد جَمِيع امارات وممالك المانيا للمدافعة عَنْهَا اذ هِيَ مَعَ استقلالها جُزْء من التَّحَالُف الالماني وان جيوش فرنسا تدخل بِلَاد ايطاليا من جِهَة اقليم بيمونتي بشمال غرب ايطاليا حينما تدْخلهَا الجيوش العثمانية من جِهَة مملكة نابولي
لَكِن عدم دُخُول جمهورية البندقية فِي هَذَا التَّحَالُف واظهارها الْعدوان لَهُم كَانَ سَببا فِي عدم نجاح كل هَذِه التدبيرات وساعد ذَلِك هياج الراي الْعَام المسيحي ضد التَّحَالُف الفرنساوي العثماني واحجام فرنسوا الاول امام النفور الْعَام خشيَة ان يرْمى بالمروق عَن دينه المسيحي باتحاده مَعَ دولة اسلامية لمحاربة دولة تدين بِدِينِهِ
فاراد السُّلْطَان سُلَيْمَان الانتقام من جمهورية البنادقة على عدم انحيازها لتحالفه مَعَ انه رَاعى جوارها وَلم يغز بِلَادهمْ فارسل خير الدّين باشا الَّذِي ترقى إِلَى رُتْبَة قبودان باشا جَمِيع الدوننمات العثمانية وَمَعَهُ نَحْو الف سفينة لمحاصرة جَزِيرَة كورفو فحاصرها فِي شهر سبتمبر سنة 1537 واتى السُّلْطَان بِنَفسِهِ لمناظرة الْحصار لكنه امْر بِرَفْعِهِ عَنْهَا لشدَّة دفاع اهلها وَعدم ضيَاع وقته النفيس حول هَذِه الجزيرة وَعَاد هُوَ إِلَى الْقُسْطَنْطِينِيَّة فوصلها اول نوفمبر من السّنة الْمَذْكُورَة وارسل خير الدّين باشا لفتح مَا بَقِي من جزائر الرّوم فَفتح اغلبها وغزا جَزِيرَة كريد وَفِي عودته قَابل دونانمة مؤلفة من مائَة وَسبعين سفينة تَقْرِيبًا يَقُودهَا اندري روبا اميرال شارلكان فحاربها وانتصر عَلَيْهَا فِي 25 سبتمبر سنة 1538