وهو يضرع إلى ربه قائلا أنت حمايتى فاحمنى، وأنت ملجئى من النوائب فأغثنى وجد لى بإحسان منك أزيّن به ظاهرى، وأودع بدخائلى نور المعارف، واقبل شكوى حاجتى لكرمك الفياض، وارحم ذلى وتوجعى لرأفتك، إنّي عبد سوء من عبادك المذنبين وأنا لائذ بحمى ساحتك الواسعة، وإن لم تكن لى وملجئى من هذه الذنوب الثقيلة فما أفقر مرتعى ومعيشتى. وعارض الشيخ محمد الطاهر المجذوب يائية ابن الفارض المشهورة بقصيدة استهلها بقوله (?):
زائرى فى الطيف هل من عودة … تحى منها مهجتى بل أصغرىّ
والأصغران: القلب واللسان. وللشيخ محمد سعيد العباسى تخميس لبيتين للشبلى الصوفى على هذا النمط:
هواى أنت وهل فى ذاك من حرج … أنتم ملاذى وأنتم فى الدّجى سرجى
يا سادة قويت فى حبّكم حججى … (لا أبرح الباب حتى تصلحوا عوجى
وتقبلونى على عيبى ونقصانى)
قلبى بكم يا سراة الحىّ فى شغف … دمعى بعهد ربوع الظاعنين وفى
بالله عطفا على صبّ لكم دنف … (فإن رضيتم فيا عزّى ويا شرفى
وإن أبيتم فمن أرجو لعصيانى)
والتخميس محكم، وشطور العباسى الستة متداخلة فى بيتى الشبلى بدقة، إذ كان بارعا فى صوغ شعره وأبياته.
4 -
تغنى كثيرون من شعراء السودان بمدائح الرسول صلّى الله عليه وسلم، مثلهم فى ذلك مثل الشعراء فى جميع بلدان الوطن العربى، إذ هو المثل الرفيع لكل مسلم فى تقواه وعبادته لربه وورعه. وقد أخذت هذه المدائح تتكاثر بالسودان منذ القرن الثالث عشر الهجرى/التاسع عشر الميلادى حتى لينظم بعض الشعراء دواوين كاملة فى المديح النبوى مثل محمد عثمان الميرغنى وديوانه: «النور البراق فى مدح النبى المصداق» والسيد أحمد بن إدريس وديوانه: «رياض المديح» والشيخ أبى القاسم أحمد هاشم وديوانه: «روض الصفا فى مديح المصطفى». ونلتقى عند الشيخ الأمين الضرير المتوفى سنة 1302 هـ/1885 م بمدحة نبوية ورّى فيها بسور القرآن الكريم