الكريمة من العلاء والشرف والعلم، وينصرفوا عن الملاهى والمفاسد، ويؤدوا واجباتهم الدينية من الفروض والسنن، حتى تصبح حياة الشعب عزيزة كريمة، وحتى يشعر كل غنى بواجبه من عون أخيه الفقير، وحتى لا يقعد القوى عن قيامه بواجبه لأمته، وحتى لا ينقبض سودانى عن بيان رأيه السديد فى كل ما يعود على الأمة السودانية بالخير. وينشد له صاحب كتاب الشعر فى السودان قصيدة (?) طويلة بعنوان: دمعة على اللغة العربية، وهو فيها يعرض ازدهارها وعلماءها وشعراءها النابهين ورجالاتها فى العصور الماضية، ويطيل فى بكائها وعويله على ما صارت إليه فى العصر الحاضر من ضيم شديد، ويرد ذلك إلى ما أصاب أبناءها من النوم والهوان، يقول:
أطلت عتبى على الأيام حين جنت … عليك فاستلبت أبهى مزاياك
ولو أجابت لقالت إنهم نفر … ناموا فحالت بما ناموا سجاياك
ولو أجابت لقالت إن قومك قد … رضوا الهوان فطالت فيه سكناك
لو قدّروك لعادت فيك ناضرة … روح الحياة وسرّ الكون محياك
وهو يقول للغة العربية التى يبكيها فى قصيدته إنه أطال عتابه على الأيام لما جنت عليها وسلبتها بلاغتها الرائعة، ويقول إن الأيام لو أجابت على هذه التهمة لتعللت بأن أبناءها ناموا على النهوض بها فتغيرت روعتها البيانية، بل لتعللت بأنهم رضوا الهوان، فطال سكناها له معهم، ولو قدّروها فى عصرنا حق قدرها لعادت روح الحياة فى أعطاف جسمها ناضرة، وسرّ الكون عودتها إلى الحياة. والشاعر بذلك يستثير قومه للنهوض بالعربية، فينعتهم بالنوم والهوان كى يثوروا غضبا ويحققوا للعربية كل ما يمكن من ازدهار ورونق وبهاء. وللشاعر نبويات متعددة منها نبوية طويلة شطر فيها بردة البوصيرى، وله أيضا شعر اجتماعى كثير.
لا نعرف شيئا عن نشأته، غير أنه درس فى كلية غردون، مثل كثير من الشعراء المعاصرين له، وعكف فيها على قراءة كتب الأدب ودواوين الشعر واستيقظت فيه ملكة الشعر، وتخرج فيها وعمل موظفا بالبريد. وتغلب على أشعاره مسحة الحزن والشكوى، ويقول محمد عبد الرحيم إنه كان دائما فى صراع مع الأيام، يعانى من نكد العيش. ويقول الأستاذ مصطفى طيب الأسماء إنه ممن شرّدوا وسجنوا فى سبيل الوطنية، واعتقل بمصر متهما بالاشتراك فى قتل