ولد بالكوة على النيل الأبيض جنوبى الخرطوم لأبيه محمد شريف شيخ الطريقة السمانية سنة 1298 هـ/1881 م وعنى بتربيته منذ نعومة أظفاره، فأقرأه القرآن الكريم على مشايخ مهمين، وحفظه، فألحقه بأربعة شيوخ من علماء السودان لتعليمه العربية والعروض، هم الشيوخ: عيسى الدولابى وإبراهيم الركابى ومحمد بدوى وأحمد العاقب الرطابى، ولما أصبح كتشنر حاكما للسودان أشار على أبيه أن يلحقه بالمدرسة الحربية المصرية، وسافر إليها سنة 1899 للميلاد وظل بها سنتين فى تلك المدرسة، وتوثقت العلاقة بينه وبين أستاذ اللغة العربية الشيخ عثمان زناتى، وتفتحت موهبته الشعرية حينئذ وأخذ ينظم بعض أشعار كان يعجب بها أستاذه ويشجعه، وأحسّ بحنين شديد لبلاده وبواديه التى كان يرتادها فى غربى السودان، وقطع دراسته وعاد إلى موطنه يجوب بواديه متمتعا بمناظرها ويصفها فى شعره مرارا وصف المفتون بها، وبحق لاحظ الدكتور عبد المجيد عابدين فى كتابه تاريخ الثقافة العربية فى السودان-وكذلك الدكتور محمد إبراهيم الشوش فى كتابه الشعر الحديث فى السودان- تأثيرها العميق فى شعره. وقد ظل وفيا لمصر بارا ومحبا، وشعره يكتظ بها وبالعواطف الوطنية والقومية والجوانب الاجتماعية. وجميع هذه الموضوعات عند العباسى اتسعت بعد ثورة سنة 1924 التى نجعلها فاتحة العصر الحديث فى السودان ونهاية للعصر الذى نؤرخ فيه للشعر السودانى، وقد انتقلت إلى الشاعر رياسة الطريقة السمانية الصوفية منذ وفاة أبيه سنة 1325 هـ/1908 م وهو جانب صوفى جدير بتتبعه ودراسته عنده. ويعد أهم شعراء هذا العصر الذى نؤرخ له من حيث دقة الخيال وجمال الصياغة. ومن قوله فى رثاء أبيه:
إن الليالى ذوات الغدر راعية … ختالة ونفوس الناس مرعاها (?)
وكان عهدى بها تسطو على مهل … واليوم صالت بيمناها ويسراها
بالسيّد السّند بن السيد السّند ال … رّاقى سماء فخار عزّ مرقاها
يمحّض الرشد للغاوى ويوضح من … مناهج الحق للقصّاد أهداها
أزال عن مشكلات العلم منطقه … براقع الوهم عن زاهى محيّاها
وإن تكلّم فى علم السلوك له … فيه عبارات ذوق ما أحيلاها
وهو يقول إن الليالى الغدارة الخادعة دائما ترعى نفوس الناس نفسا بعد نفس، ويذكر