للدفاع عنك وثبوا إليك سراعا، وهم مشهورون سمحاء كرام مترفعون سادة مزهوون بأمجادهم أصحاب فراسة، بل هم سادة فضلاء. وللشاعر مقطوعة ثانية فى الفخر يقول فيها عن قومه:
قوم لقد طابت سرائرهم فلم … تر غير بذل ندى وبسط كفوف
هم أفضل العرب الكرام عشيرة … وأعز أنسابا وشمّ أنوف (?)
وهم الشموس إذا الحوادث أظلمت … وهم البدور بنورها المعروف
وهو يقول إن قومه قد طابت سرائرهم ودخائلهم، وهم غيوث مدرارة فى الجود والكرم. وهم أفضل العرب عشيرة، إذ هم من عشيرة الرسول صلّى الله عليه وسلم، لذلك كانوا أعزّ أنسابا وشمّ أنوف مترفعين، وإذا أظلمت الدنيا كانوا شموسها المنيرة وبدورها المضيئة.
4 -
بأخذ رثاء الأفراد فى الشعر العربى أشكالا ثلاثة هى الندب والتأبين والعزاء، والندب عادة للأقارب وخاصة الأبناء ويمتلئ بالتفجع عليهم والتحسر والحزن الممض، والتأبين لشخصيات القبيلة والأمة لبيان فضائلهم وأعمالهم وخسارة المجتمع فيهم، والعزاء لبيان أن الموت من سنن الحياة وأنه لا يبقى على أحد سيد ومسود. وقد يجمع الشاعر بين هذه الأشكال الثلاثة أو يفرد مرثيته لشكل أو شكلين، ولكل أمة عربية مراثيها، وخاصة لرجالاتها المهمين، وقد مرت بنا دعوة المهدى، وهو أهم الشخصيات السودانية فى القرن الماضى، وقد حقق للسودان استقلاله فى سنوات معدودات، ولبي سريعا نداء ربه وهو فى الحادية والأربعين من عمره، وبكته السودان وبكاه شعراؤها وفى مقدمتهم الشيخ إبراهيم شريف الدولابى الكردفانى، ويستهل مرثيته بقوله (?):
كيف التئام فؤادى المفطور … ورقوء دمع محاجرى المفجور (?)
أم كيف ينفكّ الضّنا عن مهجة … أحشاؤها تصلى على التّنوّر (?)
أسف على المهدىّ من مهد الصّبا … قد كان معصوما عن المحظور
فتح الفتوح ودمّر الكفّار فى … كلّ البلاد بجيشه المنصور
هو مجمع البحرين: بحر شريعة … طام وبحر حقيقة مسجور (?)
وهو يقول إن فؤاده انفطر وانشق حزنا لموت المهدى ولن يرقأ أو يجف دمعه المتفجر،