وعناصر السكان فى المغرب الأقصى هم البربر سكانه منذ العصور السحيقة ومن استقر بديارهم من الفينيقيين والرومان والبيزنطيين والقوط ثم العرب ومن انتظم فى جيوشهم من الشعوب الإسلامية الآسيوية والإفريقية، والأندلسيون المهاجرون إلى المغرب الأقصى فى عهد الحكم الربضى بالقرن الثانى الهجرى ومن هاجر بعدهم فى القرنين السابع الهجرى والحادى عشر، واليهود ومن نزل منهم بالمغرب فى عهد الفينيقيين والرومان والعهود الإسلامية، والنصارى وظلت منهم بقايا فى المغرب من الرومان والبيزنطيين، واتخذ المنصور الموحدى حرسا من الروم عداده خمسمائة، وجلب القراصنة من البحر المتوسط كثيرا من نصارى أوربا. وكان أهل المغرب الأقصى يعيشون على زراعة القمح والشعير والذرة والبقول والخضر ويكثر الصيد على سواحل البحر المتوسط والمحيط والبحيرات والأنهار كما يكثر صيد البر من الحيوانات الوحشية: النعام والوعول والبقر الوحشى، وتكثر أشجار الفواكه من جميع الأصناف والنخيل والنقل وأشجار النيلة للصباغة، وتكثر المعادن وخاصة الحديد، وصنعوا فى بنى يازعة «تلفريك» للعبور من ضفة نهر إلى أخرى، وتكثر مواد البناء مما هيأ لبناء بعض المدن والمنشآت العمرانية الكثيرة، وتكثر المنسوجات القطنية والصوفية والكتانية والحريرية. وكان بمراكش حديقة للحيوان الوحشى. وازدهرت التجارة ازدهارا عظيما وكثر ثراء الناس فى المدن الكبيرة والموانى، وكان بفاس مائة خمام ومائتا فندق، وعظم الرفه فى الملبس والمأكل ولعب التسلية وأقام سلاطين فاس مسرحا لصراع الرجال والثيران مع الأسود، وعنوا بالموسيقى عناية واسعة. وكانت المرأة فى المجتمع المغرب تحظى بمكانة عظيمة، وكانت كثيرات منهن عالمات وأدبيات وطبيبات، وكان لبعض فضلياتهن ندوات أسبوعية يلقين فيها الشعراء ويحاورنهم وينقدن بعض أشعارهم ويمنحنهم جوائز نفيسة، وكان منهن من تحاضر النساء فى الفقه كما يحاضر العلماء فيه الطلاب، وألممت بشيوع المذهب المالكى الفقهى. وفصلت القول فى عقيدتى الصفرية والمعتزلة اللتين انتشرتا فترة فى المغرب الأقصى وفى مذهب الظاهرية وازدهاره فى عصر دولة الموحدين، وألممت بحركتى الزهد والتصوف وانتشاره. وتناولت الحركة العلمية وكيف أن الفاتحين كانوا ناشرين للإسلام ومعلمين، وتحدثت عن دور العلم من الكتاتيب والمساجد والمدارس والزوايا والمكتبات وعن إنماء الدول المختلفة للحركة العلمية وما كان لنزول الأندلسيين فى المغرب الأقصى من عمل فى هذا الإنماء وبعث حركة تعليمية واسعة فيه. وعرضت علوم الأوائل وأعلامها فى الرياضيات والطب والفلسفة وعلم المنطق، وتحدثت عن أعلام علوم اللغة والنحو والعروض والبلاغة وبالمثل تحدثت عن أعلام علوم القراءات والتفسير والحديث والفقه والكلام والتاريخ، ومع كل علم من هذه العلوم جميعا بيان واضح عن تطوره على مر العصور، ومع كل عالم أهم أعماله.

وكان المغرب الأقصى قد أخذ فى التعرب منذ دخول جماهيره فى الإسلام، وأسّست دولة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015