وترجمت بعد ذلك لأعلام الكتاب الجزائريين، وهم أبو القاسم عبد الرحمن القالمى والوهرانى وأبو الفضل بن محشرة.
وانتقلت إلى المغرب الأقصى وتحدثت عن جغرافيته وتاريخه القديم زمن الفينيقيين والرومان والبيزنطيين والقوط، وأتمّ العرب فتح المغرب الأقصى ونشر الإسلام به فى الأعوام السبعين المتممة للقرن الأول الهجرى وجنّد الولاة العظام حينئذ بعض الشباب المغربى فى الجيش العربى فأصبحوا رفقاء سلاح للعرب واختاروا منهم بعض الولاة والقواد، غير أن ولاة بنى أمية فى القرن الثانى الهجرى انحرفوا عن هذه السياسة التى يأمر الدين الحنيف باتباعها فى الشعوب الإسلامية الجديدة، فأذاقوا أهل المغرب خسفا وظلما، وانتهز الفرصة الصفرية من الخوارج وأرسلوا دعاتهم إلى المغرب الأقصى، وتبعهم كثيرون ونشبت حروب متعددة بين صفرية المغرب وولاة بنى أمية إلى أن قضبى على ثورتهم فى الشمال وانسحبوا إلى سجلماسة وقامت بها حكومة بنى مدرار الصفرية، وقضى عليها أمويو الأندلس. واستطاع إدريس سليل الحسن بن على بن أبى طالب أن يكوّن فى فاس دولة الأدارسة، وهى أول دولة إسلامية عربية فى المغرب الأقصى ونشرت به الإسلام والعلوم الإسلامية والعربية، وقضى عليها فى القرن الرابع الهجرى. وتظلّ دولة المرابطين المغرب الأقصى فى أواسط القرن الخامس الهجرى، وتحدث به نهضة علمية وأدبية، وتنقذ الأندلس من براثن نصارى الإسبان وتنشر الإسلام فى ربوع إفريقيا المدارية، وتخلفها دولة الموحدين محاولة أن تنشر لزعيمها ابن تومرت عقيدة متأثرة ببعض مبادئ الشيعة والمعتزلة، وتبلو هذه الدولة بلاء حسنا فى إنقاذ ساحل ليبيا وإفريقيا التونسية من النورمان والتنكيل بنصارى الإسبان فى غير موقعة وخاصة موقعة الأرك التى سحقوا فيها سحقا. وتخلفها دولة بنى مرين ولها دور عظيم فى منازلة نصارى الأندلس والدفاع عن غرناطة، غير أنها تخاذلت فى أواخر أيامها إزاء الاحتلال البرتغالي لبعض الموانى على المحيط والزقاق. ونوهت بشايين مغربيين قاوما البرتغاليين مقاومة عنيفة. وقاومهم الوطاسيون فرع من بنى مرين بقدر استطاعتهم، وخلفهم السعديون ومحقوا البرتغاليين محقا فى معركة وادى المخازن وقتل ملكهم وأخذوا ينسحبون من الموانى التى استولوا عليها. وقاومهم الصوفية ومن أهمهم أبو عبد الله محمد العياشى محرر العرائش وآزمور والجديدة وإن كانوا عادوا إليها بعده. وقامت الدولة العلوية ومن أهم حكامها إسماعيل محرر طنجة والعرائش وحفيده محمد بن عبد الله محرر الجديدة، ويعتلى عرش تلك الدولة الحسن بن محمد سنة 1873 ويقود نهضة حضارية وفكرية، وفى رأينا أن عهده يعد بدء العصر الحديث فى المغرب الأقصى.