وأرعب [فى] زيارتها ولو لماما، وأودّ رؤيتها ولو مناما، لألمح دار الخلافة، وأرى بيت الرياسة، وجعلت أسلك فى منازل المدينة، وأنظر فى تلك المشابه المبينة، فإذا رسومها قائمة الأعلام، ونصبها ماثلة الشكل والقيام. . ووقفت بالقصر المروانى وانتبذت إلى المنتزه العبد الرّحمانى (?)، فإذا الثلاث الأثافى (?) والديار البلاقع (?)، وقيل هنا كانت قصورهم وهناك هى قبورهم، قد صارت معاقلهم ترابا، ومساكنهم يبابا (?)».

ويطيل فى تصوير مجد قرطبة أيام بنى أمية ويبكيها بكاء مؤثرا ويصور جامعها وقبابه ومقصورته الفخمة وزخارفها البديعة، والمحراب والمصحف العثمانى بجانبه، وكأنما بيده ريشة يرسم بها لوحات بديعة. ويختم الدانى رسالته بزيارته للمعتضد فى إشبيلية وبيان مدى ترحيبه به وما أغدق عليه من التحف والطرف.

ويتكاثر الرحالة الأندلسيون منذ القرن السادس الهجرى ومن أهمهم أبو حامد (?) الغرناطى (474 - 564 هـ‍) شغف بالرحلة وتجوّل فى إفريقيا وزار صقلّية سنة 511 ومنها رحل إلى مصر وزار الشام والعراق، وتحول إلى نواحى البحر الأسود (بحر الخزر) وتوغّل فى بلاد الصّقالبة والبلغار وعلى ضفاف نهر القولجا، وصعد إلى أقصى الشمال فى روسيا، وسجل مشاهداته فى كتابه «تحفة الألباب ونخبة الأعجاب» وله كتاب سماه «تحفة الكبار فى أسفار البحار» ونشر سيزاردوبلر بمدريد ما شاهده فى شرقىّ أوربا، وهو يكثر فيه من ذكر الخوارق والعجائب الخرافية، غير أن به من حين إلى حين بعض حقائق ومشاهد بديعة كمشهد الزّحلوقة يتزحلق بها الناس على الثلج فى روسيا يقول:

«الطريق هناك فى أرض لا يفارقها الثلج أبدا، ويتخذ الناس لأرجلهم ألواحا (زحلوقة) ينحتونها، طول كل لوح باع وعرضه شبر، ومقدّم ذلك اللوح ومؤخرّه مرتفعان عن الأرض، وفى وسط اللوح موضع يضع الماشى فيه رجله، وفيه ثقب، وشدّوا فيه سيورا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015