ومن ثم كان العرب يقصدون كثيرين منهم من مناطق بعيدة. ومما يلاحظ أنهم كانوا يكثرون فى اليمن وفى بيوت عبادتها الوثنية، وخاصة من يتعمقون فى القدم، ولعل فى ذلك ما يدل على الصلة القديمة بين وثنية عرب الجنوب وعرب الشمال.

وتلقانا فى كتب التاريخ والأدب أسماء كثيرين منهم وقد يبالغ القصّاص، فيرسمون لبعضهم صورا خيالية، فمن ذلك أن شقّ بن الصّعب كان شق إنسان أو شطره فله عين واحدة ويد واحدة ورجل واحدة، وأن سطيح بن ربيعة الذئبى لم يكن فيه عظم سوى جمجمته وأن وجهه كان فى صدره ولم يكن له عنق (?)، وربما كان أحدب. ومن كهانهم فى أواخر العصر الجاهلى سواد بن قارب الدّوسىّ وقد أدرك الإسلام ودخل فيه (?)، ومنهم المأمور الحارثى، كاهن بنى الحارث بن كعب (?)، وخنافر الحميرى، وكان يقول إنه أسلم بمشورة تابعه «شصار (?)». وأكهنهم عزّى سلمة، يقول الجاحظ: «أكهن العرب وأسجعهم سلمة بن أبى حيّة وهو الذى يقال له عزّى سلمة (?)». ومن قوله (?): «والأرض والسماء، والعقاب والصّقعاء، واقعة ببقعاء، لقد نفّر المجد بنى العشراء للمجد والسناء (?)». ونجد بجانب هؤلاء الكهان جماعة من الكاهنات، وربما كنّ فى الأصل من النساء اللائى يهبن أنفسهن للآلهة ومعابدها، ومن أشهرهن الشّعثاء (?) وكاهنة ذى الخلحة (?) والكاهنة السّعدية (?) والزرقاء (?) بنت زهير والغيطلة القرشية (?) وزبراء كاهنة بنى رئام، ويروى أنها أنذرتهم غارة عليهم فقالت: «واللوح الخافق والليل الغاسق والصباح الشارق والنّجم الطارق والمزن الوادق، إن شجر الوادى ليأدو ختلا، ويحرق أنيابا عصلا، وإن صخر الطّود لينذر ثكلا، لا تجدون عنه معلا (?)».

طور بواسطة نورين ميديا © 2015