أمشّى على الأرض التى لن تضرّنى … لأنكى قوما أو أصادف حمّتى (?)
أمشّى على أين الغزاة وبعدها … يقرّبنى منها رواحى وغدوتى (?)
وهو يعترف فى البيت الأول بأنهم قد يرجعون خائبين أو مهزومين من غارتهم أو غزوتهم، ولكن ذلك لا يردهم عن الغزو، بل يدفعهم دفعا إليه، فهم لا يتهيبون الموت ولا وعثاء الطريق. ويصور لنا كيف كان تأبط شرا يحمل زادهم ويقتّر عليهم فى الطعام خيفة أن تطول الغزاة بهم فيموتوا جوعا، ويقص علينا ذلك فى مداعبة طريفة له، إذ يدعوه أمهم، وهو وأصحابه عيالها، يقول:
وأمّ عيال قد شهدت تقوتهم … إذا أطعمتهم أو تحت وأقلّت (?)
تخاف علينا العيل إن هى أكثرت … ونحن جياع، أىّ آل تألّت (?)
مصعلكة لا يقصر السّتر دونها … ولا ترتجى للبيت إن لم تبيّت (?)
لها وفضة فيها ثلاثون سيحفا … إذا آنست أولى العدىّ اقشعرّت (?)
وتأتى العدىّ بارزا نصف ساقها … تجول كعير العانة المتلّفت (?)
إذا فزعوا طارت بأبيض صارم … ورامت بما فى جفرها ثم سلّت (?)
حسام كلون الملح صاف حديده … جراز كأقطاع الغدير المنّعت (?)
تراها كأذناب الحسيل صوادرا … وقد نهلت من الدّماء وعلّت (?)