ابن خلدون-التفاسير المأثورة كلها وتحرّى الأقرب إلى الصحة منها، وتداول تفسيره بعده أهل المغرب والأندلس (?). وينسب لمحيى الدين بن عربى المتوفى سنة 638 تفسير مطبوع، وأكبر الظن أن نسبته له غير صحيحة، ونلتقى بعده بالقرطبى (?) محمد بن أحمد نزيل مصر الذى اختار المنيا بالصعيد سكنا إلى أن توفى سنة 671 وله تفسيره المشهور المسمى: «جامع أحكام القرآن والمبين لما تضمن من السنة وآى القرآن» وهو فى عشرين مجلدا، سار فيه على نهج ابن عطية فى تفسيره (?). ويختتم نشاط الأندلسيين فى تفسير القرآن العظيم بكتاب البحر المحيط لأبى حيان الذى مرّ بنا ذكره بين النحاة وهو فى ثمانى مجلدات ضخام، ويذكر فى مقدمته مصادره فى اللغة والنحو والبلاغة والحديث النبوى وأصول الفقه وعلم الكلام وكتب القراءات والتفسير ويشيد بتفسير عبد الحق بن عطية مواطنه وتفسير الزمخشرى، ويذكر من روى عنهم هذين التفسيرين خاصة لأنه كثير النقل عنهما والمراجعة لهما فى تفسيره، ويعنى فيه عناية واسعة بوجوه الإعراب وببيان لغات العرب كما يعنى بالقراءات السبع وما وراءها مما يكمل القراءات الأربع عشرة والشاذة.
ونشطت الأندلس فى علم الحديث نشاطا واسعا منذ محدثها وقاضيها معاوية (?) بن صالح المتوفى سنة 178 سواء فى روايته أو فى التصنيف فيه وفى رجاله. ويتسع هذا النشاط منذ القرن الثالث الهجرى، ونلتقى فيه ببقى بن مخلد الذى مر ذكره بين المفسرين، وله فى الحديث النبوى مصنف يقول فيه ابن حزم: «له فى الحديث مصنفه الكبير الذى رتبه على أسماء الصحابة رضى الله عنهم، فروى فيه عن ألف وثلاثمائة صحابى ونيف، ثم رتب حديث كل صحابى على أسماء الفقه وأبوابه فهو مصنف ومسند» أى أنه مصنف فى الفقه وأحكامه ومسند على طريقة مسند ابن حنبل يراعى فيه الصحابى الراوى للحديث عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ومع كل حديث سنده، ويقول ابن حزم: «ما أعلم أحدا سبق بقى بن مخلد إلى مثل ذلك مع ثقته وضبطه وإتقانه واحتفاله وجودة شيوخه،