الدانى فى القراءات بقصيدته وعنى الناس بحفظها وتلقينها للولدان المتعلمين وجرى العمل على ذلك فى أمصار المغرب والأندلس (?)». وخاتمة قراء الأندلس أبو حيان الغرناطى الذى مر ذكره بين النحاة، ويقول فى مقدمة تفسيره إن له فى القراءات منظومة فى ألف بيت وأربعة وأربعين ويذكر من ترجموا له أن له كتابا فى كل قارئ من القراء السبعة وأيضا كتابا فى قراءة زيد بن على إمام الزيدية.

ومعروف أنه تكونت حول القرآن علوم كثيرة تتناول نقطه ورسمه والإملاءات فيه والإدغام والوقف والابتداء كما تتناول مشكل معانيه وناسخه ومنسوخه وأحكامه، وللقارئين: الدانى ومكى فى ذلك كتب مختلفة. وظلت الأندلس تعنى بتلك العلوم وظل الأندلسيون يؤلفون فيها مثل المشارقة، ويطول بنا الحديث لو تعقبنا ما كتبوا فيها.

وحسبنا أن نتحدث عن نشاطهم فى تفسير الكتاب العزيز، ومن أقدم ما ألّف فيه هناك كتاب بقى (?) بن مخلد المتوفى سنة 276 للهجرة، وفيه يقول ابن حزم: «هو الكتاب الذى أقطع قطعا لا أستثنى فيه أنه لم يؤلف فى الإسلام تفسير مثله: لا تفسير محمد بن جرير الطبرى ولا غيره» وابن حزم يضعه فوق تفسير الطبرى أهم التفاسير المشرقية للذكر الحكيم حتى زمنه فى النصف الأول من القرن الخامس الهجرى. ونلتقى بعد بقى بمحمد (?) بن عبد الله بن أبى زمنين المتوفى سنة 399 وله مختصر فى التفسير منه مخطوطة بمكتبة القرويين، ولمكى المذكور آنفا تفسير ضخم سماه: «الهداية إلى بلوغ النهاية فى معانى القرآن الكريم وتفسيره وأنواع علومه» وكان فى سبعين جزءا، وسقط من يد الزمن. وأهم تفسير أنتجته الأندلس بعد تفسير بقى التفسير الكبير لابن عطية (?) أبى محمد عبد الحق بن غالب بن عطية قاضى المريّة المتوفى سنة 542، وولى أبوه قبله قضاء غرناطة، فهو من بيت علم وفضل، وكان فقيها نابها عارفا بالأحكام والحديث، وكتابه المحرر الوجيز فى التفسير من أحسن التآليف فيه وأبدع التصانيف على مر الأزمنة، وسماه الوجيز تواضعا، وهو فى مجلدات ضخمة، وفيه لخّص-كما يقول

طور بواسطة نورين ميديا © 2015