العيون كما كان صيدلانيا حاذقا، وكان يعاصره محمد (?) بن عبدون الجبلى وكان قد رحل إلى المشرق سنة 347 وأقام بالفسطاط ودبّر مارستانها وعاد إلى قرطبة سنة 360 وخدم المستنصر وابنه المؤيد (366 - 399 هـ‍). وحاجبه المنصور بن أبى عامر.

وتتوّج النهضة الطبية حينئذ بالزهراوى (?) أبى القاسم خلف بن عباس، وهو منسوب إلى الزهراء مدينة الناصر التى بناها غربى قرطبة، وقد خدمه-فيما يبدو-وخدم ابنه المستنصر وحفيده المؤيد وتوفى سنة 404 هـ‍/1013 م وقد ألف موسوعة طبية كبيرة فى ثلاثين جزءا، بعنوان كتاب التصريف لمن عجز عن التأليف، وجعلها أقساما ثلاثة: قسما فى الطب العام والأمراض وقسما فى الصيدلة وقسما فى الجراحة، وعنى جيراردى الكربمونى فى القرن الثانى عشر بترجمة قسم الجراحة من الكتاب إلى اللاتينية وترجم أجزاء أخرى منه. وعكف آخرون بعده على ترجمة بعض أجزائه. وتمت ترجمة قسم الصيدلة إلى اللاتينية سنة 1228. وأخذت هذه الترجمات تنتشر فى البلدان الغربية، حتى إذا ظهرت المطبعة فى القرن الخامس عشر اتسع انتشار الكتاب فى الغرب، وظل يدرس فى الجامعات الأوربية من القرن الثانى عشر إلى القرن السابع عشر وخاصة قسم الجراحة منه، إذ ظل الجراحون الأوربيون يعدّون الزهراوى إمامهم فى الجراحة سواء فى جراحة العظام أو فى جراحة الحصاة فى المثانة والمهبل والشق عنها وتفتيتها وعمليات الفتق والدوالى وأمراض النساء والعيون وطب الأسنان وزرعها. وضمّن هذا القسم تصوير آلات الجراحة، وهى تتوالى عنده بالعشرات مع بيان كيفية استعمالها، وهو بكل ذلك يعد أبا للجراحة العالمية، كما يعد البطروجى السالف الذكر أبا لعلم الفلك العالمى.

ويظل علم الطب فى الأندلس مزدهرا فى عصر أمراء الطوائف وكذلك فى عصر المرابطين والموحدين، ويتوارث فى بعض البيوت مثل بيت بنى زهر بإشبيلية، وقد أنجب سلسلة من الأطباء المشهورين فى القرنين الخامس والسادس للهجرة يتقدمهم عبد الملك (?) جدهم وكان ماهرا فى صناعة الطب، وطارت شهرته بها فى عصر أمراء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015