أتمّ موسى بن نصير والى المغرب منذ سنة 86 هـ/706 م فتح بلاد المغرب حتى المحيط الأطلسى غربا وجبال السوس الأقصى جنوبا، واتبع موسى سياسة حميدة: أن يرسل مع الجيوش الغازية طائفة من الفقهاء ليدخلوا البربر فى الدين الحنيف ويلقّنوهم تعاليمه، مما عمل على تعريبهم سريعا، وأسس فى بلاد المغرب الأوسط ولاية جعل حاضرتها تلمسان، وأسس فى بلاد المغرب الأقصى ولاية ثانية جعل حاضرتها طنجة المطلة على مضيق الزقاق، وولّى عليها أحد قواده من البربر هو طارق بن زياد. وأبقى موسى على سبتة شرقيها على الزقاق لواليها الرومى البيزنطى يوليان، وكان قد سارع إلى موسى حين وصوله إلى إقليم طنجة سنة 89 هـ/709 م فأعلن له ولاءه وطاعته. ويظن أنه أغراه حينئذ بغزو إيبيريا، وكان ملكها غيطشة Witiza قد توفى سنة 708 م وأبى الأشراف أن يخلفه على العرش أحد أبنائه، وأجلسوا عليه لذريق Roderic حاكم قرطبة، ونشبت حروب بينه وبين أبناء غيطشة، وانتصر عليهم، ويبدو أنهم استغاثوا بيوليان حاكم سبتة البيزنطى حليف أبيهم، ورأى أنه لا قبل له بلذريق وفكّر أن يستعين عليه بالعرب، فأغرى موسى بن نصير-حين لقيه فى طنجة-بغزوها. أما ما يقال من أن دافع يوليان إلى حثّ موسى على هذا الغزو مسألة شخصية هى عدوان الملك الجديد لذريق على ابنته فى قصره وأنه أراد أن يثأر لانتهاك عرضه بحضّ العرب على غزو إيبيريا ففى رأينا أن ذلك من باب الأساطير، والمعقول أن يكون الباعث الحقيقى لموسى بن نصير على غزوها