المصرى تلميذ ابن جنى المتوفى سنة 440 وكان يتصدّر لإقراء العربية، وأغلب الظن أنه حمل إلى المصريين كتب أستاذه ابن جنى فأخذوا يدرسونها مبكرين. وأنجبت مصر حينئذ نحويا كبيرا هو ابن بابشاذ (?) طاهر بن أحمد المتوفى سنة 469 وكان قد رحل إلى بغداد وأخذ عن علمائها ونحاتها وعاد فتصدر للإقراء بجامع عمرو بن العاص فى الفسطاط. وكان يسند إليه الإشراف على تحرير الكتب الصادرة عن ديوان الإنشاء الفاطمى إلى الأطراف، وله فى النحو كتب سارت-كما يقول القفطى-مسير الشمس، منها المقدمة فى النحو وشرحها، وهو منشور بالكويت نشرة جيدة.
ومن مصنفات ابن بابشاذ شرح كتاب الجمل للزجاجى أحد أئمة النحو البغدادى، وله كتاب سماه المحتسب فى النحو وشرح على كتاب الأصول لابن السراج، وكانت له تعليقة كبيرة فى النحو فى خمسة عشر مجلدا. وكان ينزع منزع البغداديين (?) فى الانتخاب من آراء الكوفيين والبصريين ومحاولة الإدلاء بآراء جديدة. وخلفه على التصدّر لإقراء النحو تلميذه محمد (?) بن بركات المتوفى سنة 520 وكانت له فى النحو تصانيف مختلفة كما كان إليه التصفح فى ديوان الإنشاء الفاطمى.
وأكبر نحاة مصر فى أواخر زمن الفاطميين وأوائل زمن الأيوبيين ابن برّى الذى أسلفنا الحديث عنه بين اللغويين، وكان يتصدر لإقراء النحو واللغة بجامع عمرو، وطارت شهرته فى الآفاق، فقصده الطلاب من كل بلد وفى مقدمتهم عيسى الجزولى نحوىّ المغرب والأندلس، وقد دوّن عنه فى أثناء شرحه لكتاب الجمل للزجاجى مقدمته المعروفة بالجزولية، وكان يقول إنها من نتائج خواطر ابن برى وتلاميذه، واهتم بها النحاة وشرحوها مرارا، وهو بغدادى (?) النزعة فى النحو مثل أستاذه ابن برى وغيره من نحاة المصريين لزمنه. وخلف ابن برى فى إقراء النحو تلميذه سليمان بن بنين، ومرّ بنا بين اللغويين، وله فى النحو شرح على سيبويه سماه «لباب الألباب فى شرح الكتاب». ونزل مصر يحيى (?) بن معطى المغربى الدمشقى المتوفى سنة 628 واستقر بها وتصدر بجامع عمرو لإقراء الطلاب النحو، وله مصنفات مختلفة فى النحو منها ألفية كألفية ابن مالك وكتاب العقود والقوانين فى النحو، وكتاب الفصول، وحواش على أصول ابن السراج، وشرح