كأنما أجنحته ركّبت من العواصف، واستلبت من البروق الخواطف. . كأنه سهم رشق (?) عن قوس القضاء، أو نجم أشرق فى أفق السماء. . يقبض أجنحته ويبسط، ويصعد إلى السماء ويهبط يجرح بأسنة قوادمه (?) أعطاف القبول (?) وأطراف الصّبا، ويقدّ الشمال بخوالف (?) كأنها غروب (?) الظّبا، ويفتق بخوافيه (?) جيوب الجنوب (?)، ويخرق بصدره صدر الرياح فى الهبوب. . حتى أشرف. . على روض أريض (?). وظلّ عريض، وأنهار متدفّقة، وأشجار مونقة، وطلّ منثور، وورد ومنثور (?)، ومكان بهج، وزهر أرج. . فمن ورد فضىّ الأوراق، ذهبى الأحداق، كافورى الصّبغة، مسكى الصّيغة، مائىّ الجسم، هوائى الرسم، حاكت (?) الصّبا إهابه، وخاطت الشمال أثوابه، وفتّحت الجنوب أكمامه، وحسرت (?) الدّبور عن وجه جماله لثامه، فظهر فى أفق الشجر، كأنه شهب السّحر، أو خدود الحور فى القصور، ظهرت فى غلائل من الكافور، ومن غصون تجتمع وتفترق، وتترنّح وتعتنق، والنسائم تحلّ عقد أزرار الزّهر. . . والشمس تسفر وتنتقب، وحاجب الغزالة (?) يبدو ويحتجب. . فوقف [النسر] فى الهواء حين رآها وقال: هذه غاية النفس ومناها. . أين المذهب، وقد حصل المطلب، وأين الرواح وقد أسفر الصباح. . وبينا هو صافّ الأجنحة عليها ينظر من الأفق بعين التعجب إليها، إد سمع صوتا من بلبل سحرىّ على وكر شجرىّ، يناغى النسائم بنغمة مزماره، ورنّة أوتاره. . وألحان أعذب من نقرات المزاهر، ينثر درّا من عقود ألحانه ولؤلؤا من صدف افتنانه بين أفنانه (?)، ويرجّع قراءة مكتوب غرامه، ويتلو آيات حزنه من مصحف آلامه. . كأنها ما قيل عن مزامير آل داود وتسابيحهم فى الركوع والسجود. . أو أصوات رهبان الصوامع، أو تلاوة من تتجافى (?) جنوبهم عن المضاجع. . ثم هوى إلى القرار، لينظر من النافخ فى المزمار، فرأى البلبل يرجّع سجع ألحانه فى ربع أحزانه».