والكتاب منقسم إلى ثمانية وعشرين فصلا بعدد حروف المعجم، وكل فصل لحرف ينقسم إلى فقر، وكل فقرة تنتهى بالحرف الذى اختاره للفصل ويسمى غاية، ويلتزم أبو العلاء قبل غاياته الألف دائما. وليس هذا كل ما صعّبه على نفسه فى الكتاب، فقد التزم فى كثير من الفقر أن تشترك سجعاتها فى حرفين أو أكثر على طريقة ما نعرف فى لزومياته. والتزم بجانب ذلك أن يجلب إلى سجعات الكتاب كثيرا من الألفاظ الغريبة، وإنها لتغلب على سجعاته غلبة شديدة، حتى ليمكن أن نقول إنها إحدى خصائصه أو أحد التزاماته. وعلى عادته فى أشعاره كثيرا ما يضيف بعض ألوان البديع وخاصة الجناس. وكما رأينا فى اللزوميات يكثر فى الفصول والغايات من ذكر المصطلحات العلمية يجلبها من جميع العلوم، وكأنما يراها وشيا خليقا أن يضاف إلى فصوله وغاياته وفقره فيه، من ذلك قوله مستظهرا لبعض مصطلحات علم الصرف (?).

«لا تجعلنى ربّ معتلاّ كواو يقوم، ولا مبدلا كواو موقن من الياء، ولا أحب أن أكون زائدا مع الاستغناء، كواو جدول وعجوز، فأما واو عمرو فأعوذ بك ربّ الأشياء، إنما هى صورة لا جرس لها ولا غناء، مشبهها لا يحسب من النّسمات».

وعلماء الصرف يقولون إن واو يقوم أصلها يقوم فاستثقلت الضمة على الواو فنقلت إلى ما قبلها واعتلت، وأن كلمة «موقن» أصلها ميقن، فقلبت الياء واوا لسكونها وانضمام ما قبلها، وأن الواو فى جدول وعجوز زائدة لأنهما مشتقتان من الجدل والعجز. ومعروف أن واو عمرو تكتب ولا تنطق تمييزا للكلمة من كلمة عمر. وكل ذلك يحشده أبو العلاء فى بعض وعظه بل إنه ليحشد كثيرا من دقائق المصطلحات العلمية لم نر حاجة إلى ذكرها. وحسبنا ما قدمناه لنأخذ صورة عن كتاب الفصول والغايات، وفى كتابنا «الفن ومذاهبه فى النثر العربى» كلمة عنه أكثر بسطا وتفصيلا وتحليلا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015