حديثنا عن علم الجغرافيا وخاصة ما اتصل منها بفضائل دمشق والشام وبيت المقدس، ونبسط الكلام فى كتابين ذكرناهما هناك، أما أولهما فتاريخ مدينة دمشق للإمام الحافظ ابن عساكر على بن الحسن المتوفى سنة 571 ويقال إنه فى ثمانين مجلدا بدأه بالحديث عن فضائل الشام وفتوحها وخططها ومساجدها وكنائسها ودورها ثم ترجم لكل من دخل دمشق والشام منذ الجاهلية إلى زمنه من الأنبياء والخلفاء والولاة والفقهاء والقضاة والعلماء من كل صنف والشعراء والكتاب. وهذّبه بحذف الأسانيد عبد القادر بن أحمد بن بدران، ونشر من تهذيبه سبعة «مجلدات» حتى ترجمة عبد الله بن سيار، وقلما يذكر فى المراجع باسم تهذيب تاريخ ابن عساكر، بل يقال مباشرة تاريخ ابن عساكر. والكتاب الثانى الذى سبق أن عرضنا له ونرى الوقوف عنده كتاب تاريخ مدينة دمشق لابن شداد، وهو يذكر خططها ثم يسهب فى ذكر الجامع الأموى وذكر مساجدها حتى زمنه، ويتحدث عن مزاراتها فى باطنها وظاهرها وخوانقها وربطها ومدارسها الحنفية والشافعية والمالكية والحنبلية وكنائسها ودياراتها وحماماتها وما مدحت به نثرا وشعرا، وهو بذلك تاريخ اجتماعى ثقافى حضارى. وقد عنى ابن شداد بحلب كما عنى بدمشق. ولعل أهم كتاب عنى بها قبله كتاب «بغية الطلب فى تاريخ حلب» لابن العديم (?) عمر بن أحمد المتوفى سنة 660 صنفه فى عشر مجلدات أرّخ فيها لعلمائها وأدبائها على الترتيب الأبجدى وجعل له تاريخا لحلب على السنين فى كتابه: «زبدة الحلب من تاريخ حلب» وصل به إلى نهاية أيام نور الدين محمود سنة 569 حققه ونشره الدكتور سامى الدهان بدمشق. ولابن خطيب (?) الناصرية على بن محمد المتوفى سنة 843 تتمة لبغية الطلب فى مجلدات سماها «الدر المنتخب فى تكملة تاريخ حلب» وأكمله محمد بن محمد بن الشحنة المتوفى سنة 890 وسمى تكملته «نزهة النواظر». وعنى بكل ذلك أيام العثمانيين ابن (?) الحنبلى محمد بن إبراهيم الحلبى المتوفى سنة 971 وصنف كتابه «الزبد والضّرب (عسل النحل) فى تاريخ حلب» مع تكملته إلى سنة 951. ولمجير الدين العليمى المتوفى سنة 927 كتاب الأنيس الجليل فى تاريخ القدس والخليل مطبوع. ومن يرجع إلى كتاب «الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ» سيجد بلدان الشام مع من كتبوا تاريخها تتعاقب، تذكر أولا حلب ثم حمص فالخليل فداريّا ضاحية لدمشق فدمشق فصفد فصور فطرابلس فعسقلان، ولا نبالغ إذا قلنا إنه لم تبق بلدة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015