الدعوة الوهابية السلفية ويضع يده فى يد محمد ابن عبد الوهاب لنشرها فى الجزيرة، وهى نداء يدعو إلى اتباع الحنابلة من أهل السنة. ويلقانا كثير من كبار المتصوفة فى مكة واليمن وحضرموت، وكان النساك متشردين فى كل مكان.
وكان يجرى فى كل بلاد الجزيرة جدول كبير من جداول الثقافة العربية بجميع علومها وفنونها، حتى فى قرى نجد وقد تحولت-منذ ظهور محمد بن عبد الوهاب-إلى دار كبيرة لدراسة كتبه وكتب إماميه: أحمد بن حنبل وابن تيمية. وكانت مكة والمدينة أشبه بجامعتين كبيرتين، بما كان فيهما من العلماء والأدباء، وبما كان يفد عليهما سنويا من أدباء العالم العربى وعلمائه، وخاصة من كان يقيم بهما منهم مجاورا سنوات طوالا. وكانت الحركة العلمية والأدبية ناشطة طوال العصر فى اليمن وحضرموت وعمان والبحرين، ونشط معها البحث فى علوم الأوائل وعلم الملاحة البحرية خاصة على نحو ما هو معروف عن ابن ماجد العمانى. وفى كل أقاليم الجزيرة ومدنها نشطت علوم اللغة والنحو والبلاغة والنقد، وكثر تأليف المعاجم والكتب والدراسات البلاغية والنقدية، وبالمثل نشطت علوم الفقه والحديث والتفسير والقراءات وعلم الكلام وكثر العلماء فى كل الأقاليم، وكثر ما أنتجوه من الكتب والمصنفات.
وكان الشعر يجرى على كل لسان فى أقاليم الجزيرة، وأخذت العامية تزاحم الفصحى فى نجد واليمن وحضرموت وعمان والبحرين منذ القرن السادس الهجرى، ومع مرور الزمن شاع معها شعر حمينى فى اليمن وحضرموت وشعر نبطى فى بقية الأقاليم، غير أن سيل الشعر الفصيح ظل قويا فيها جميعا، وقد ترجم الباخرزى لمجموعة كبيرة من شعراء نجد والحجاز واليمن فى القرن الخامس الهجرى وترجم العماد الأصبهانى لطائفة من شعراء بنى عقيل فى الموصل وشعراء بنى مزيد فى الحلّة وأيضا لطائفة من شعراء الحجاز واليمن فى القرن السادس. وتلقانا بعده فى كتب مختلفة تراجم لشعر الجزيرة فى حقب العصر التالية، غير ما طبع ونشر من دواوين النابهين من الشعراء. ويكثر شعراء المديح وفى مقدمتهم القاسم بن هتيمل اليمنى وأحمد بن سعيد الخروصى السّتالى العمانى وعلى بن مقرّب العيونى البحرانى وعبد الصمد بن عبد الله با كثير الحضرمى، كما يكثر شعراء المراثى من أمثال التهامى المكى وجعفر الخطى البحرانى، وشعراء الفخر والهجاء من أمثال نشوان بن سعيد الحميرى اليمنى وسليمان النبهانى العمانى.
وتتكاثر فى الجزيرة طوائف الشعراء، ونلتقى منهم بشعراء الدعوة الإسماعيلية وفى طليعتهم ابن القمّ والسلطان الخطّاب وعماره اليمنى، وبشعراء الدعوة الزيدية من أمثال يحيى