ابن يوسف النشو بمكة وموسى بن يحيى بهران وعلى بن محمد العنسى فى اليمن، وبشعراء الخوارج من أمثال أبى إسحق الحضرمى الإباضى وابن الهبينى اليمنى. ونلتقى بشعراء الدعوة الوهابية السلفية، وفى مقدمتهم محمد بن إسماعيل الحسنى الصّنعانى اليمنى وابن مشرف الأحسائى، وبشعراء الزهد والتصوف والمدائح النبوية من أمثال عبد الرحيم البرعى اليمنى وعبد الرحمن العيدروس الحضرمى. وجميعهم رسمت شخصياتهم واتجاهاتهم الشعرية.
ولم تكن نجد تعنى بالكتابة قبل ظهور محمد بن عبد الوهاب، أما بعد ظهوره فقد أخذت الكتابة تنمو مع الدعوة نموا واسعا. وكان فى مكة والمدينة كتّاب إنشاء من قديم، وكثرت بهما الإجازات العلمية وتقاريظ الكتب. وكانت الكتابة مزدهرة فى اليمن طوال العصر، وظلت ناشطة فى حضرموت وعمان والبحرين. وتحتفظ الكتب برسائل متبادلة بين أمراء مكة وسلاطين مصر المماليك. وكانت الرسائل الديوانية ناشطة فى اليمن منذ زمن الدولة الصليحية فى القرن الخامس. وتحتفظ الكتب التاريخية ببعض رسائل متبادلة بين الدولة الرسولية وسلاطين المماليك فى مصر، وكذلك برسائل متبادلة بين الأئمة الزيديين المتأخرين وبين أئمة الخوارج فى عمان، وبالمثل بين الأئمة الأخيرين وعمالهم. وتكثر الرسائل الشخصية ويتحول بعضها إلى رسائل أدبية جيدة. ويكثر الوعظ. وتلقانا محاورات ورسائل فكاهية ومقامات أدبية متنوعة.
2
وفى القسم الثانى من هذا الجزء تحدثنا عن العراق، وبدأنا حديثنا عنه بتاريخه السياسى وبيان الدول التى تعاقبت على حكمه، وهى الدولة البويهية، ويليها الدولة السلجوقية، ويسترد الخلفاء منها فى منتصف القرن السادس الهجرى صولجان الحكم، ويقضى التتار بقيادة هولاكو على حكمهم وخلافتهم فى منتصف القرن السابع. وتتعاقب على العراق وبغداد دولتان تتاريتان: دولة الإيلخانيين ودولة التيموريين ثم دولة التركمان، ويظل العراق فى قبضتها إلى أن استولت عليه الدولة الصفوية الإيرانية، وسرعان ما استخلصته منها الدولة العثمانية. وكان المجتمع فى بغداد يتألف من ثلاث طبقات: طبقة أرستقراطية مترفة. وطبقة وسطى تحظى بشئ من سعة العيش، وطبقة دنيا هى طبقة العامة، وكانت تتجرّع الضنك والبؤس، فتحوّل كثيرون منها إلى عيّارين ولصوص ينهبون بغداد من سنة إلى أخرى مستشعرين-فيما يبدو-فكرة العدالة الاجتماعية. وشاع فى العراق المذهب الشيعى الإمامى الاثنا عشرى، وكان بجواره مذهب شيعى مارق هو مذهب النّصيرية،