تحفة الصديق من كلام أبى بكر الصّدّيق، وفصل الخطاب من كلام عمر بن الخطاب، وأنس الّلهفان من كلام عثمان بن عفان، ومطلوب كل طالب من كلام على بن أبى طالب. ويقول أيضا: له ديوان شعر وديوان رسائل بالعربية وديوان رسائل بالفارسية، وشعره دون نثره جودة. ورسائله العربية مطبوعة بمصر فى جزءين، وهى موزّعة بين رسائل شخصية أو إخوانية ورسائل سلطانية أو ديوانية. ونسوق له قطعة من تقليد حسبة صدر عن ديوان خوارزم، وفيه يقول:
«أن أولى الأمور بأن تصرف أعنّة العناية إلى ترتيب نظامه، وتقصر الهمم على مهمّة إتمامه، أمر يتعلّق به ثبات الدين، ويتوقف عليه صلاح المسلمين، وهو أمر الاحتساب فإنّ فيه تثبيت الزائغين عن الحق، وتأديب المنهمكين فى الفسق، وتقوية أعضاد أرباب الشرع وسواعدها، وإجراء معاملات الدين على قوانينها وقواعدها. وينبغى أن يكون متقلد هذا الأمر موصوفا بالديانة، معروفا بالصيانة، معرضا عن مراصد (أماكن) الرّيب (التهمة) بعيدا عن مواقف التّهم والعيب، لابسا مدارع السّداد، سالكا مناهج الرشاد.
والشيخ الإمام-أدام الله فضله-متحلّ بهذه الخصائص المذكورة، والفضائل المشهورة، ومستظهر فى دولتنا للحقوق الفرضيّة، ومستشعر للصفات المرضيّة، فقلّدناه هذا الأمر. . وأمرناه أولا أن يجعل التقوى شعاره، والزّهد دثاره، والعلم معلمه والدين مناره. ثم يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويقيم حدود الشرع على وفق النصوص والأخبار، ومقتضى السنن والآثار. . وأمرناه أن يبالغ فى تعديل المكاييل والموازين، على وفق أحكام الشّرع والدين، فإن وجد تفاوتا فى شئ منها سوّاه وعدّله، وغيّره وبدّله، وأدّب صاحبه على رءوس الأشهاد، لينزجر عن مثله أهل الخيانة والفساد».
والتقليد مهم لأنه يطلعنا على وظيفة الحسبة، وأن الحاسب لم يكن فقط براقب الأسواق كما يراقبها الشّرطى، بل كان أيضا ينظر فى كل ما يقع بها من الجنايات والخصومات كما ينظر القاضى، وكأنه كان يقوم بوظيفة الشرطى والقاضى فى وقت معا، فهو ينظر فى الجرائم وما يقع من خصومات وفق ما جاءت به الشريعة من الحدود والأحكام. وهو لذلك كان يختار من الفقهاء أو من الشيوخ كما جاء فى التقليد، إذ لابد أن يكون عالما بالكتاب والسنة وما جاء عن الأئمة فى الحدود وغيرها من أحكام. وهو مع ذلك يقوم بأعمال الشرطى، فيراقب المكاييل والموازين، فإن وجد فى مكيال أو ميزان تفاوتا أو نقصا بدّله على رءوس الأشهاد، حتى يفتضح الخائنون فلا يعودوا إلى خيانة أبدا، وحتى ينزجر غيرهم فلا تحدثهم نفوسهم بخيانة فى ميزان أو مكيال أو ما يشبه الخيانة.