ما حرّرته مجارى أقلامه، والوقيعة فيه، تمرد بحكم خالقه وباريه، ومجارى الأشياء على قدر طباعها، وبحسب ما فى قواها وأوضاعها، ومن ذا الذى يلوم الأراقم على النّهش بالأنياب، والعقارب على اللسع بالأذناب، وأنىّ لها أن تذمّ، وقد أشربت خلقتها السم وحكم الله فى كل حال مطاع، وبأمره رضا واقتناع».

ولغة العتبى سهلة ليس فيها ألفاظ غريبة، وسجعه ينزلق عن الألسنة فى يسر، وليس فى الكلام ما يعوق جريانه من عقد الجناس وما يتصل بالجناس، مما يتعثّر فى الأفواه.

رشيد الدين (?) الوطواط

هو محمد بن محمد بن عبد الجليل العمرى الملقب برشيد الدين المعروف بالوطواط لضآلة جسمه. من سلالة عمر بن الخطاب، ولد ببلخ وبها نشأ وتربى فى المدرسة النظامية، وكان شاعرا كما كان كاتبا، وله مصنفات عدة، منها: «غرر الخصائص الواضحة» وهو من كتب الأدب التهذيبى، ومنها: «حدائق السحر فى دقائق الشعر» وهو فى علم البديع والصناعة الشعرية، وضعه بالفارسية، وأمثلته فيه موزعة. بين الفارسية والعربية، وقد نقله إلى العربية الدكتور إبراهيم أمين. ونرى رشيد الدين يغادر موطنه ويلتحق فى سنة 522 للهجرة بدواوين الدولة الخوارزمية فى عهد أميرها الطموح الباسل أتسز (521 - 551 هـ‍) ويظل بعد وفاته يعمل فى دواوين الدولة، إلى أن يبلغ من الكبر عتيّا ويهن عظمه، يدل على ذلك أن سلطان شاه محمود حفيد أتسز حين تولى مقاليد الأمور فى خوارزم سنة 568 أراد أن يرى هذا الشاعر الهرم المريض فحملوه إليه فى محفّة، فلما مثل بين يديه نظم رباعية فى مديحه ومديح أبيه وجده باللغة الفارسية. وعاش الوطواط بعد ذلك سنوات، واختلف مؤرخوه، فقيل توفى سنة 573 وقيل بل سنة 578.

ويشيد ياقوت بأدبه وبلاغته قائلا: «كان من نوادر الزمان وعجائبه، وأفراد الدهر وغرائبه، أفضل زمانه فى النظم والنثر، وأعلم الناس بدقائق كلام العرب، وأسرار النحو والأدب، طار فى الآفاق صيته، وسار فى الأقاليم ذكره، وكان ينشئ فى حالة واحدة بيتا بالعربية من بحر وبيتا بالفارسية من بحر آخر ويمليهما معا» ويقول ياقوت: من مؤلفاته

طور بواسطة نورين ميديا © 2015