ومن هذه الكتب التاريخية العامة كتاب «الآثار الباقية من القرون الخالية» للبيرونى كما مر بنا ويحمل تقاويم وجداول للشهور عند الأمم القديمة مع عرضه لأعيادها ولكثير من المشاكل الفلسفية والنزعات الدينية، وكان حرّ الفكر ومع أنه كانت فيه نزعة إلى الاعتداد بقوميته الفارسية فإنه لم يتحيّف العرب فى أحكامه، بل إنه نادى بأن العربية أكثر ملاءمة للغة العلم من الفارسية. وهو يدعو فى هذا الكتاب إلى نقد الأخبار التاريخية المغرقة فى القدم لما يشوبها من أساطير. ويفوق هذا الكتاب فى التاريخ العام أهمية كتابه تحقيق ما للهند من مقولة الذى سبق أن تحدثنا عنه والذى يضم تاريخ هذه الأمة وجغرافية بلادها وما يتصل بذلك من دراسة لأديانها وكل ما يتصل بحياة شعبها. وكان يعاصره العتبى (?) محمد بن عبد الجبار المتوفى سنة 427 واشتهر بكتابه الذى ألفه فى الدولة الغزنوية لعهد مؤسسها السلطان محمود الغزنوى وقد فصّل القول فيه عن هذا السلطان وعن أبيه سبكتكين وحروبهما، وخاصة حروب محمود فى الهند، وسماه اليمينى نسبة إلى لقبه: يمين الدولة الذى منحه له الخليفة تكريما، وألفه فى لغة مسجوعة منمقة، حتى عدّه الفرس من روائع آثارهم الأدبية، ولذلك اعتنى به وبشرحه كثيرون منهم، ومن شروحه شرح مطبوع معه بمصر باسم «الفتح الوهبى على تاريخ أبى النصر العتبى». وعنى محمد بن حسين البيهقى المتوفى سنة 470 بكتابه تاريخ السلاطين الغزنويين، غير أن الكتاب فقد ولم يبق منه إلا جزء خاص بحوادث السلطان مسعود بن محمود الغزنوى، ولهذا يطلق عليه اسم تاريخ مسعودى، وهو باللغة الفارسية وترجم حديثا إلى العربية وطبع فى مصر باسم تاريخ البيهقى. وألف بعد ذلك الوزير أنوشروان بن خالد المتوفى سنة 532 كتابا فى تاريخ الدولة السلجوقية، وعليه اعتمد العماد (?) الأصبهانى المتوفى سنة 597 فى كتابه عن السلاجقة الذى سماه «نصرة الفطرة وعصرة القطرة». ويدخل فى هذه الكتب التاريخية الخاصة بالدول والسلاطين كتاب ابن عربشاه (?) المتوفى سنة 854: «عجائب المقدور فى نوائب تيمور» وهو تاريخ مفصل لتيمور لنك طبع مرارا بمصر وفى أوربا، وحقا ابن عربشاه ولد فى دمشق، غير أنه رحل عنها إلى بلاد الروم ثم إلى سمرقند وبلاد المغول فى التركستان، وتلقى العلم على الشيوخ هناك، فمرباه بإيران، وتولى ديوان الإنشاء هناك، وكانت تصدر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015