ألفاظ القرآن الدالة عليه مخلوقة، فهى ليست كلام الله ولكنها تبليغ له. وأيضا توسط الأشاعرة كما أسلفنا بين أهل السنة الحنابلة وإيمانهم بالقدر وبين المعتزلة وإيمانهم بحرية الإرادة للإنسان. وكان ذلك كله مثار جدل عنيف طوال هذا العصر بين أهل السنة الحنابلة والأشاعرة، وبالمثل بين الأشاعرة والماتريدية، وكاد يختفى فى القرون المتأخرة أنصار الاعتزال، وألّفت فى ذلك كلّه كتب كثيرة، تنتصر تارة لهذا المذهب أو ذاك، وتارة تحكى جميع المذاهب والآراء ولا نقصد كتاب الملل والنحل للشهرستانى المؤلف فى القرن السادس فحسب بل نقصد أيضا كتاب المواقف لعضد الدين (?) الإيجى المتوفى سنة 756 وله شروح نفيسة للسعد التفتازانى والسيد الشريف الجرجانى وغيرهما، وهو بشروحه موسوعة كبيرة لعلم الكلام ومذاهبه وأصحابه
تنوعت الكتابة التاريخية فى إيران كما تنوعت فى كل بلد عربى، فكان هناك المؤرخون العامون للأمم والدول، وهناك المؤرخون للمدن، وهناك أصحاب التراجم العامة والخاصة. ومر بنا فى كتاب العصر العباسى الثانى أن أكبر مؤرخى الأمم والدول فى الإسلام كان مؤرخا إيرانيا هو الطبرى المتوفى سنة 310. وأول من يلقانا فى هذا العصر من هؤلاء المؤرخين المطهر (?) بن طاهر المقدسى المتوفى سنة 355 وهو ليس إيرانيا كما يشهد اسمه، ولكنه كتب كتابه بدء الخلق والتاريخ فى مدينة بست شرقى إيران، وأهداه لبعض الوزراء السامانيين، وهو جمع لمعارف كثيرة عن الأديان. وبه كثير من الأخبار التاريخية. وكان يعاصره مؤرخ إيرانى هو حمزة الأصفهانى المتوفى سنة 360 ومر بنا حديث عنه فى عرضنا لكتب الأمثال بين المصنفات اللغوية، وله تاريخ سنى ملوك الأرض والأنبياء، وقد طبعت منه ونشرت بعض أقسام. وبلقانا بعده ابن مسكويه وكتابه «تجارب الأمم» وقد ترجمنا له فى القسم الثانى الخاص بالعراق.
وكان فى عصره المرعشى المتوفى سنة 420 وقد صنف باسم السلطان محمود الغزنوى كتاب الغرر فى سير الملوك وأخبارهم، عنى فيه بسير ملوك الفرس، ومضى فيه حتى عصره.