فى العصر محمد بن صالح العلوى والحمّانى والمفجّع البصرى، وكان محمد بن صالح قد ثار بالحجاز، وزجّ به المتوكل فى غياهب السجون، ثم عفا عنه وعاش فى سامرّاء يمدحه، وله أشعار طريفة فى زوجه وفى بعض أصدقائه. وكان الحمّانى نقيب العلويين فى الكوفة وله مراث كثيرة ليحيى بن عمر العلوى يبكيه فيها بكاء حارّا. وكان المفجّع شيعيّا إماميّا، وكان يكثر من مديح على وأبنائه. وكثرت الثورات السياسية فى العصر، وكان بعض الثوار شاعرا مثل صاحب الزنج فله أشعار تدور فى كتب التاريخ والأدب، ومثله يحيى بن زكرويه القرمطى الثائر بالشام وأبو طاهر الجنّابى صاحب الأحساء والبحرين. وأهم شعراء الثورات محمد بن البعيث وبكر بن عبد العزيز بن أبى دلف، أما ابن البعيث فثار بأذربيجان، واستطاع حين أتى به أسيرا إلى المتوكل أن يستلّ غضبه بشعره فيعفو عنه. وأما حفيد أبى دلف فثار بأعمال الجبل بين همذان وأصفهان، وله أشعار مختلفة يتهدّد بها قواد المعتضد وينذرهم-إن هاجموه-إنذارات خطيرة. ويكثر كثرة مفرطة شعراء الوزراء والولاة والقواد، وفى مقدمتهم أبو على البصير وابن أبى طاهر وابن دريد، ولأولهم مدائح كثيرة فى الفتح بن خاقان وله مداعبات ومعان طريفة فى الغزل وفقد بصره وشيخوخته. ولابن أبى طاهر مدائح كثيرة فى الوزراء، وله أهاج لاذعة.

واشتهر ابن دريد بمدائحه لابن ميكال والى الأهواز، وخاصة بمقصورته فيه وقد شرحت مرارا وتكرارا. وخمد فى العصر الهجاء القبلى، وظل الهجاء الشخصى محتدما، ومن أكبر الهجّائين فى العصر الصّيمرى، وخبره مع المتوكل والبحترى مشهور. وأشد إيلاما ووخزا منه فى الهجاء الحمدونى، وقد دارت على كل لسان فى عصره أهاجيه فى طيلسان ابن حرب وشاة سعيد بن أحمد. وهجّاء العصر غير منازع ابن بسّام، وله فى أبيه أهاج كثيرة، ولم يكد يترك خليفة ولا وزيرا ولا أميرا ولا كبيرا فى عصره دون أن يكويه بميسم هجائه.

ويكثر شعراء الغزل وشاعراته، ويظل الغزل العفيف حيّا حياة خصبة بجوار الغزل المادى الصريح، ويكثر الناظمون للغزل من كل الأوساط، وكثيرات من الجوارى فى العصر كن ينظمنه ويتقنّ نظمه، وأشهر شعراء الغزل حينئذ خالد ابن يزيد الكاتب ومحمد بن داود الظاهرى وفضل الشاعرة وكان خالد كاتبا فى الدواوين، وله رقائق غزلية كثيرة يصوّر فيها حبّا ظامئا لا يروى أبدا، أما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015