فهم بين قتيل وغريق وأسير وفار على وجهه لا يلوى.
ولسعيد تحميدات طريفة كان يضعها بين يدى رسائله الديوانية، فمن ذلك تحميد كتب به فى فتح نهض به القائد التركى وصيف، يستهله بقوله (?):
«أما بعد فالحمد لله الحميد المجيد، الفعّال لما يريد، الذى خلق الخلق بقدرته وأمضاه على مشيئته، ودبّره بعلمه وأظهر فيه آثار حكمته، التى تدعو العقول إلى معرفته، وتشهد لذوى الألباب بربوبيته، وتدلّ على وحدانيته، لم يكن له شريك فى ملكه فينازعه، ولا معين على ما خلق فتلزمه الحاجة إليه، فليس يتصرّف عباده فى حال إلا كانت دليلا عليه، ولا تقع الأبصار على شئ إلا كان شاهدا له بما رسم فيه من آثار صنعه، وأبان فيه من دلائل تدبيره، إعذارا بحجّته، وتطولا بنعمته، وهداية إلى حقّه، وإرشادا إلى سبيل طاعته. . . والحمد لله العزيز القهّار، الملك الجبّار، الذى اصطفى الإسلام واختاره، وارتضاه وطهّره، وأعلاه وأظهره، فجعله حجّة أهله على من شاقّهم (خالفهم) ووسيلتهم إلى النصر على من عند (مال) فى حقهم، وابتغى غير سبيلهم».
والسجع كثير فى هذا التحميد، وهو دليل على أنه ظهر ثمرة لكثرة التقاطيع فى العبارات، وإحساس الكتاب بأنه لا بأس من استكمال هذه التقاطيع، ولكن لا على أساس الجور على المعانى، وإنما على أساس الوفاء بها. وسعيد يستوفى فى أول تحميده صفات الله جلّ شأنه من خلق وتقدير وعلم وحكمة فى تدبير الكون، مما يشهد بوحدانيته. ونحس أثر قراءته لمباحث المتكلمين حين يلمّ بالوحدانية إذ يقول:
لو كان هناك إلهان أو آلهة لتنازعت فيما بينها على السلطان، وأيضا فإن هذا يؤول إلى أن يكون هناك آلهة تعينه فى الخلق وتساعده، ولو صحّ ذلك لأصبح الله محتاجا إليها وانتفت عنه ألوهيته، إذ يمسه الضعف والعجز من بعض الوجوه، ويعرض حجة على ربوبيته التأمل فى خلق الإنسان وفى نظام الكون مما يهدى إلى طريق الرّشاد.
ولسعيد بجانب الرسائل الديوانية التى كان يكتبها فى أثناء عمله بالدواوين رسائل إخوانية كثيرة، منها تهنئات بعيد النّيروز وشوق وعزاء واعتذار ودعوة إلى