مجالس الأنس وشكر وهجاء واستمناح لبعض الأشخاص وتوصيات، ونعم طائفة منها بادئين بتهنئاته فى عيد النيروز، فمن ذلك رسالة إلى أبى صالح يزداد وزير المستعين (?):
«النفس لك، والمال منك، والرجاء موقوف عليك، والأمر مصروف إليك، فما عسانا أن نهدى لك فى هذا اليوم، وهو يوم سهّلت فيه العادة، سبيل الهدايا للسادة، وكرهت أن نخليه من سنّته فنكون من المقصّرين، أو ندّعى أن فى وسعنا ما يفى بحقك علينا فنكون من الكاذبين، فاقتصرنا على هدية تقضى بعض الحق، وتقوم عندك مقام أجمل البرّ، وهى الثناء الجميل، والدعاء الحسن، لا زلت أيها الأمير دائم السرور والغبطة فى أتم أحوال العافية، وأعلى منازل الكرامة، تمر بك الأعياد الصالحة، والأيام المفرحة، فتخلقها وأنت جديد، وتستقبل أمثالها، فتلقاك ببهائها وجمالها. وقد بعثت الرسول بالسكّر لطيبه وحلاوته، والسّفرجل لفأله وبركته، والدرهم لبقائه عند كل من ملكه، ولا زلت حلو المذاق على أوليائك، مرّا على أعدائك، متقدّما عند خلفاء الله الذين تليق بهم خدمتك وتحسن أفنيتهم (ساحاتهم) بمثلك».
والرسالة تحمل أسلوب سعيد وما يميزه من التقطيعات المتوالية والمعانى المتقابلة، فالنفس يقابلها المال، والرجاء يقابله الأمر. ويسقط السجع سقوطا طبيعيّا، كأنه ثمر يسقط من شجرة مورقة. ويمسح على ذلك لطف الحضارة، وما يمتاز به أهلها من دقة الحسّ ورهافة الذوق، على نحو ما يتضح فى المعانى التى تحملها الهدية، فالسكر رمز للحلاوة والسفرجل رمز للبركة والدرهم رمز لبقاء الوزير فى عزّه.
ويكتب برسالة مماثلة إلى الحسن بن مخلد وزير المعتمد على هذا المنوال (?):
«أيها السيد الشريف! عشت أطول الأعمار بزيادة من العمر، موصولة بقرائنها من الشكر، لا ينقضى حق نعمة، حتى تجدّد لك أخرى، ولا يمر بك يوم إلا كان مقصّرا عما بعده، موفيا على ما قبله. إنى تصفحت أحوال الأتباع الذين تجب عليهم الهدايا إلى السادة، فالتمست التأسى بهم فى الإهداء، وإنى إن