وصف امرؤ القيس فى معلقته سيلا جارفا حدث بالقرب من تيماء حيث كانت منازل بنى أسد. وتقل الأمطار فى الداخل ولقلتها سموها غيثا وحيا (من الحياة) واستنزلها الشعراء على ديار معشوقاتهم وقبور موتاهم. ومتى احتبست الأمطار جفت الأرض وأجدبت وحلّ الهلاك والفناء على القطعان والرّعاء. ولطول ما كان يحدث لهم من ذلك سموا الجدب سنة، فيقولون: أصابتنا سنة أتت على الأخضر واليابس. ومن أجل ذلك كثرت عندهم الرحلة فى طلب العشب والكلأ، فترحل القبيلة بإبلها وأغنامها إلى مراع جديدة. وليس فى الجزيرة بحيرات إلا ما يقال من أن هناك بحيرة مالحة فى الرّبع الخالى، وليس بها كذلك غابات ولا أنهار جارية.

وفى الجنوب والشرق وقرى الحجاز واليمامة تكثر الزروع والثمار وتتناثر بعض الفواكه، وقد اشتهرت اليمن وما والاها قديما بأشجار اللبان والطيب والبخور، كما اشتهرت حديثا بأشجار البن، وتشتهر الطائف بالكروم، ولم يكونوا يعتمدون عليها وحدها فى الخمر بل كانوا يعتمدون أيضا على مدن الشام. والنخلة أهم الأشجار فى الجزيرة كلها. ويتردد على ألسنة شعراء نجد ذكر طائفة من الأزهار على رأسها العرار والخزامى وطائفة من الأشجار على رأسها الغضا والأثل والأرطى والسّدر (الطّلح) والحنظل والضّال والسّلم.

أما الحيوان فقد صور شعراؤهم كثيرا من أليفه مثل الخيل والإبل والأغنام ووحشيّه مثل الأوعال والظباء والنعام والغزال والزراف وحمار الوحش وأتنه وثور الوحش وبقره ومثل الأسد والضبع والذئب والفهد والنمر. ودارت الطيور الجارحة على ألسنتهم مثل الحدأة والصقر والنسر والغراب، وقلما وصفوا منهلا دون أن يذكروا القطا وهو يشبه الحمام. وذكروا كثيرا الجراد، وتحدثوا عن النّحل واشتهرت به هذيل التى كانت تغنى ببيوته وخلاياه. ومن زواحفهم الثعبان والعقرب والورل والضبّ، وفى أمثالهم: «أعقد من ذنب الضبّ».

طور بواسطة نورين ميديا © 2015