الموضع والذى ليس له سابقة عند علماء الأوائل، وله شروح على كتاب أقليدس فى الهندسة وكتاب بطليموس فى الجغرافية، وقد خلّف فيها أول كتاب عربى جغرافى سماه صورة الأرض، ونشطت الكتب والمباحث الجغرافية منذ هذا التاريخ المبكر. ومع افتتاح هذا العصر العباسى الثانى يؤلف عبيد الله بن خرداذبة الفارسى الأصل كتابه «المسالك والممالك» وهو يصرح فى مطالعه بأنه اعتمد فى بيان حدود الأرض ومسالكها على كتابات بطليموس. وأخذ غير عالم يتناول هذا الموضوع، تناوله أبو عبد الله الجيهانى وأبو زيد البلخى، وأهم منهما ابن الفقيه، غير أنه لم يذكر إلا المدائن العظمى ولذلك سمّى كتابه «البلدان». وأدق منه وأمهر علميّا اليعقوبى أحمد بن يعقوب العباسى، إذ نراه فى كتابه الذى سماه أيضا باسم البلدان يعتمد على الرحلة والطواف ببلاد ديار الإسلام واصفا لها وصف المشاهد المتثبت من الأخبار. وبذلك تم تكامل علم الجغرافيا عند العرب. واهتموا حينئذ بإفراد جزيرة العرب وجغرافيتها ببعض الكتب على نحو ما نجد عند الهمدانى المتوفى سنة 334 فى كتابه «صفة جزيرة العرب».
وعلى نحو ما نهضوا حينئذ بعلم الجغرافيا نهضوا بالرياضيات والفلك.
يتقدمهم محمد بن موسى الخوارزمى، ومن تلاميذه فى مرصد المأمون حبش الحاسب، وله جداول فلكية مهمه. ومن نابهى الفلكيين فى أواسط العصر أحمد ابن محمد بن كثير الفرغانى وكتابه: «أصول الفلك» له ترجمات كثيرة إلى اللاتينية، وترك هناك تأثيرا كبيرا حتى عصر كوبرنيقوس (?)، وله كتب مختلفة فى الإسطرلاب.
ومن الفلكيين الذين اشتهروا حينئذ شهرة واسعة أبو معشر البلخى المتوفى سنة 272 وكان له تأثير واسع فى العرب ومسيحيى العصور الوسطى وترجمت له كتب كثيرة إلى اللغة اللاتينية (?). ومن الفلكيين النابهين فى العصر الفضل (?) بن حاتم النيريزى المتوفى سنة 310 وكان متقدما فى علم الهندسة وهيئة الأفلاك وحركات النجوم وله شروح على أصول أقليدس ترجمها جيرار دى كريمونا ونشرها كورتزه فى ليبزج سنة 1899 وله شروح أيضا على كتاب بطليموس فى الفلك وزيج على مذهب