وقتل بدوره، وعادت الخلافة إلى المقتدر (?)، وعاد الترك إلى نفوذهم القديم قبل المعتمد وأخيه الموفق. وزاد الأمور سوءا أن أم المقتدر «شغب» وهى أم ولد رومية شركت مؤنسا فى تصريف شئون الحكم والسياسة، فكانت الوزارة لا تسند إلى شخص فى عام حتى ينحّى عنها فى عام قابل، ودارت الأيام، فإذا مؤنس يسخط على المقدر وتعود مع السخط قصة رواتب الجند، ويتفاقم الأمر بينهما فى سنة 317 ويعزل الخليفة ويولّى أخوه محمد ويلقب بلقب القاهر بالله، ويرتق الفتق بين مؤنس والمقتدر فيعيده إلى الخلافة ويجدّد له البيعة (?). وما تلبث السماء أن تكفهرّ، فيعود الصدام بين مؤنس والمقتدر، ويقتل الخليفة سنة 320 ويولّى مؤنس الخلافة بعده القاهر بالله، وكان شجاعا غير أنه كان أحمق أهوج شديد الإقدام على سفك الدماء، وكان لا يكاد يصحو من سكر، ومع ذلك حرّم على الناس الخمر والسماع، واستطاع القضاء على مؤنس ونفر من القواد (?) ففسد ما بينه وبين الترك وسرعان ما خلعوه سنة 322 وسملوا عينيه (?)، وبايعوا بعده الراضى بالله أبا العباس أحمد بن المقتدر، وظل يلى الخلافة حتى توفى سنة 329. وفى عهده تغلّب أصحاب السيوف ولم يعد للخليفة سوى الاسم. وكان شاعرا بليغا سمحا واسع العطاء مات وهو فى الثانية والثلاثين من عمره، وخلفه أخوه المتقى بالله، وكان تقيّا صالحا، إلا أنه لم يكن على بصر بالحكم والسياسة، فحدثت فى زمنه فتن وحروب كثيرة بين الجند ونهبت دار الخلافة، وقبض عليه لسنة 333 وخلع وسملت عيناه (?). وتولاها بعده المستكفى بالله ابن المكتفى، ولم يكد يدور به عام فى خلافته حتى نزل معز الدولة البويهى بغداد، فلقّبه المستكفى بأمير الأمراء وأعطاه الطوق والسوار وآلة السلطنة وعقد له لواء. غير أن معز الدولة لم يلبث أن أمر بالقبض عليه، فخلع من الخلافة ونهبت داره وسملت عيناه (?)، وبذلك ينتهى العصر العباسى الثانى بدخول البويهيين الفرس بغداد وزوال تسلط الترك وقوادهم على مقاليد الحكم دون مآب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015