وفى مقدمتهم صالح بن وصيف وبايكباك أحد زعمائهم، فقتلوه فى رجب (?) سنة 256
ويتولى الخلافة المعتمد أحمد بن المتوكل، يبايعه الترك ثم تبايعه العامة، وكانت ثورة الزنج قد نشبت فى عصر المهتدى، وعبشا استطاع قواد الترك أن يجهزوا عليها، إذ استفحل شرها وتفاقم، فضعف شأنهم من جهة، وشغلوا من جهة ثانية عن لعبهم المعتاد بالخلفاء، وخلعهم وسفك دمائهم. ويتاح للمعتمد ودولته قائد عظيم من أهل بيته هو أخوه أبو أحمد طلحة الملقب بالموفق فيقود بنفسه المعارك مع الزنج ومع من ثاروا بإيران ويكتسب له الظفر والقضاء على الزنج قضاء مبرما، وبذلك يردّ إلى الخلافة العباسية هيبتها، ويحنى الترك رءوسهم لها ولا نعود نسمع بفتنة حجّاب الخليفة عليه وتدبيرهم لخلعه، وكانوا حينئذ يارجوخ وكيغلغ وبكتمر بن طاشتمر، وقد ظلوا جميعا يصدعون لأوامره وأوامر أخيه الموفق حتى توفيا جميعا، وبويع من بعده لسنة 279 ابن أخيه الموفق أبو العباس أحمد ولقّب بالمعتضد، وكان قد أبلى مع أبيه فى حرب الزنج وغيرها من الحروب بلاء حسنا فهابه الترك وقوادهم، ونراه فى سنة 282 يقبض على كبيرهم بكتمر بن طاشتمر ويسجنه ويصادر أمواله وضياعه ولا يحركون ساكنا رهبة منه وهيبة له (?)، وظلوا من بعده خانعين لابنه المكتفى الذى ولى الخلافة سنة 289 غير أنه اقترف خطأ فاحشا إذ ارتضى أخاه المقتدر وهو صبى وليّا للعهد من بعده، وكان حريّا به أن يجعل ولاية العهد فى شخص حصيف من أهل بيته يستطيع أن يقف الترك وقادتهم عند حدّ من السلطان لا يتجاوزونه. وتوفى سنة 295 فخلفه المقتدر وهو فى الثالثة عشرة من عمره، وعظم كلام الناس فيه، وقالوا كيف يلى الخلافة من لم يبلغ الحلم، وأجمع أمرهم على أن يتولاها عبد الله بن المعتز، وأخذ له البيعة على الناس محمد بن داود ابن الجراح الفقيه والأديب المشهور، وبايعه القضاة والعدول، وتلقب بالمنتصف وقيل بالراضى وقيل بالقائم بالحق وتقلد ابن الجراح الوزارة ولكن الأمر لم يدم له أكثر من يوم وليلة، إذ ثار الترك عليه يتقدمهم كبيرهم مؤنس، وأخذ عنوة وقتل، وتفجّع عليه كثير من الشعراء. أما ابن الجراح فاستتر مدة ثم انكشف أمره،