أن يرتضوا من يرضونه للخلافة، واختاروا أحمد بن محمد بن المعتصم ولقبوه بالمستعين، وبايعوه وبايعه الناس. وتوفّى بغا الكبير وأصبح أوتامش المتصرف الأول فى شئون الدولة، وأخذ يختزن أموالها هو وشاهك وأم المستعين، فكل ما يرد من الآفاق يصير إلى الثلاثة، ووصيف وبغا الشرابى الصغير بمعزل من ذلك مما أثار حفيظتهما على أوتامش وجعلهما يغريان به القواد الآخرين حتى ثاروا عليه وسفكوا دمه وانتهبوا داره (?). واستدارا إلى باغر قاتل المتوكل، وكان شرّه قد تعاظم فى قصر الخلافة فقتلوه بدوره. وسئم المستعين حركات الترك ودسائسهم، فرأى النزول إلى بغداد والاستقرار بها، وجزعوا لصنيعه، فأرسلوا إليه وفدا يسترضيه سنة 251، ولكنه رفض العودة إلى سامراء، فخلعوه، وبايعوا المعتز بالله ولى العهد القديم للمتوكل بعد المنتصر، فكان هناك خليفة مولّى بسامراء وخليفة معزول ببغداد، هو المستعين، ونشبت الحرب بينهم وبينه، وحاصروا بغداد، وما زالوا به حتى خلع نفسه من الخلافة وانحدروا به إلى «واسط» وهناك تم تدبير قتله (?). وبذلك أصبحت الخلافة خالصة للمعتز سنة 252 وسمع بأن نفرا من الترك يراودون أخاه المؤيد على تولى الخلافة وعزله، فسجنه ثم فتك به. وأخذ يحاول الفتك بقواد الترك مستثيرا ضدهم المغاربة والفراغنة، وفتك بوصيف وبغا الشرابى الصغير قاتل أبيه، يقول المسعودى: «ولما رأى الأتراك إقدام المعتز على قتل رؤسائهم وإعماله الحيلة فى إفنائهم وأنه قد اصطنع المغاربة والفراغنة صاروا إليه بأجمعهم لأربع بقين من رجب سنة خمس وخمسين ومائتين وجعلوا يقرّعونه بذنوبه ويوبّخونه على أفعاله وطالبوه بالأموال (رواتبهم) وكان المدبر لذلك صالح بن وصيف مع قواد الأتراك (?). وأرسلوا توّا إلى بغداد فى طلب محمد بن الواثق، وأمروا المعتز بأن يخلع نفسه من الخلافة وصدع بأمرهم، وبايعوا محمدا ولقبوه بالمهتدى، وسجنوا المعتز ثم قتلوه سريعا. وحاول المهتدى أن يسير سيرة عمر بن عبد العزيز فى العدل ورفع المظالم والاقتصاد فى النفقات، ويقال إنه أمر بإخراج آنية للذهب والفضة من الخزائن فكسرت وضربت دنانير ودراهم، وقرّب العلماء ورفع منازل الفقهاء وحرّم الشراب ونهى عن القيان فثقلت وطأته على الخاصة والعامة. وكان قد مضى مثل ابن عمه المعتز يفتك برؤساء الأتراك وقادتهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015