المأمون، والخريمى شاعر عثمان بن خريم المرّى والى أرمينية. وبرع فى الهجاء شعراء كثيرون من أمثال أبى عيينة المهلبى وكان يكثر فى هجائه من الإقذاع الشديد، وعلى شاكلته عبد الصمد بن المعذّل وكان هجاء شكسا حديد اللسان.
وتكاثر شعراء الغزل بنوعيه النقى العفيف والمادى الصريح، وكان النوع الثانى أكثر شيوعا لكثرة الجوارى والإماء، وخير من يصور النوع الأول العباس بن الأحنف الذى عاش يتغنى بالغزل العذرى الطاهر. أما النوع الثانى فخير من يصوره ربيعة الرّقى وغزله يسيل عذوبة. وكان شعراء المجون والزندقة كثيرين كثرة مفرطة لما شاع من فساد الأخلاق وكثرة النحل والمقالات والمذاهب الدينية والفلسفية ومن أشهرهم حماد عجرد، وكان يخلط مجونه بزندقة أشربتها روحه. ومنهم مطيع ابن إياس وهو من أكثر الشعراء مجاهرة بالفسق والعصيان. ومنهم صالح بن عبد القدوس ولم يكن ماجنا، ولكنه كان زنديقا كبيرا، إذ كان يعتنق عقيدة الثنوية المانوية مجاهرا بها، ومجادلا مناظرا إلى أن أمر الرشيد بضرب عنقه، وجمهور شعره أمثال وحكم. وكان غير شاعر يأخذ نفسه بحياة زاهدة ناسكة على نحو ما نجد عند عبد الله بن المبارك ودعوته إلى الجهاد فى سبيل الله وإلى التقوى واجتناب الآثام، وعند محمد بن كناسة الكوفى وتغنيه طويلا برفض الدنيا ومتاعها الزائل، وعند محمود الوراق ودعوته إلى طاعة الله والرضا بقضائه والتوكل عليه والقناعة بكفاف العيش مع التفكير الدائم فى الموت والفناء. وشارك المعتزلة فى الشعر وفنونه، وكان منهم من ينظم فى نفس الأغراض التى ينظم فيها الشعراء من حوله مثل العتّانى الذى يروع قارئه بمعانيه الطريفة، ومثل النظّام الذى يصبغ أشعاره فى الغزل وغير الغزل بصبغة كلامية واضحة. ومنهم من كان ينظم فى حوار أهل الملل والنحل مثل بشر بن المعتمر وكان يكثر من الحديث عن عجائب الله فى خلفه. وصوّر نفر من الشعراء فى أشعارهم النزعات الشعبية صادرين عن روح العامة وأحاسيسها، وخير من يمثلهم أبو الشمقمق وكان يستخدم فى شعره أحيانا ألفاظ العامة، مجسما فقره وبؤسه ومسغبته وأسماله البالية، وكثيرا ما يعرض ذلك فى صورة فكهة.
وتطور النثر فى هذا العصر وتنوّع وكثرت فنونه بما ملأ أوانيه اللفظية من