حتى مات، وكان موته فى آخر ربيع لسنة 233 للهجرة.
ولم تدر لابن الزيات رسائل كثيرة فى كتب الأدب، مع كثرة ما يدور فيها من رسائل موجهة إليه، ويظهر أنه وكل فى وزارته للحسن بن وهب كتابة الرسائل الديوانية والرد عليها، ومن القليل الذى احتفظت به تلك الكتب العهد للواثق على مكة، وقد كتبه بحضرة المعتصم على هذه الصورة (?):
«أما بعد، فإن أمير المؤمنين قد قلّدك مكة وزمزم، تراث أبيك (?) الأقدم، وجدّك (?) الأكرم، وركضة جبريل، وسقيا إسماعيل وحفر عبد المطلب، وسقاية العباس، فعليك بتقوى الله تعالى والتوسعة على أهل بيته».
وابن الزيات يشير فى هذا العهد المقتضب إلى قصة هاجر زوج إبراهيم عليه السلام حين ولدت ابنها إسماعيل منه، وغارت زوجه الثانية سارة، واضطرته أن ينزلهما منزلا بعيدا عنها، فأنزلهما بوادى مكة الجدب، وذكر ذلك القرآن الكريم فى قوله جلّ شأنه على لسان إبراهيم: {(رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ)}. وأعياهما أن يجدا ماء يستقيان منه، وبينما هاجر قد أخذها اليأس من وجوده إذا جبريل يهبط راكضا على موضع، لا تلبث بئر أن تتفجّر منه، هى بئر زمزم، فتستقى منه هاجر وإسماعيل. وتمر الأيام فتطمر البئر وتمحى معالمها وتظل مطمورة، حتى يلقى فى روع عبد المطلب جد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يحفرها، وما إن ضرب بمعوله فيها حتى فاض الماء، واتخذها لسقاية الحجيج، وورث ابنه أبو طالب شرف هذه السقاية بعده وورثها عنه العباس أخوه جد العباسيين. وإلى كل هذه القصة يشير ابن الزيات فى عهد الواثق، وكأننا نلتقى عنده بأسلوب ابن مسعدة المبنى على الإيجاز والاقتصاد فى القول من جهة، وعلى التأنق فى التعبير من جهة ثانية، تأنقا يجره إلى السجع
ويظهر أن ابن الزيات لم يكن يعمد إلى السجع دائما، وكأنما كان يرى فيه مبالغة فى التكلف، فقد احتفظ له ابن عبد ربه برسالة إلى أحد العمال تخلو من السجع، وهى تجرى على هذا النمط (?):