لولا الحياء وعزة لحمية ... طي الحشى لحكاهم في المطلب
قد كان إن سئل الندى يجزل وإن ... نادى الصريح ببابه اركب يركب حتى إذا حل المرابطين تراجعت منزلة الشاعر أكثر من ذي قبل، وأصبح التصريح بكساد الشعر أشد وأوضح؟ ذلك أن الشاعر حتى في أسمى ما غدا يستطيع بلوغه من مكانه لم يعد في طوقه منافسة رجل السيف (وهو من الملثمين) والفقيه والكاتب (وهو في الغالب من الأندلسيين) ولعل الأعمى التطيلي قد عبر في بعض لحظات الأحساس بالتعاسة عن هذا المعنى بأجلى عبارة حين قال: إن " قال مالك " قد طردت " قام زيد " إي أن الفقه قد أبعد الأدب واللغة، وأصبحت الكلمة العليا ففقهاء (?) :
أيا رحمتا الشعر أقوت ربوعه ... على أنها للمكرمات مناسك
وللشعراء اليوم ثلث عروشهم ... فلا الفخر مختال ولا العز تامك
إذا ابتدر الناس الحظوظ أشرفت ... مطالب قوم وهي سود حوالك
رأيتهم لو كان عندك مدفع ... كما كسدت خلف الرئال الترائك
فيا دولة الضيم أو تجاملي ... فقد أصبحت تلك العرى والعرائك
ويا " قام زيد " أعرضي أو تعارضي ... فقد حال من دون المنى " قال مالك " وفي ذلك العصر نجد ابن قزمان صورة أخرى من أبي الشمقمق وأبي الشمقمق وأبي الرقعمق والأحنف العكبري في تحديد ما يطلبه من قمح أو شعير أو جبة أو غفارة أو خروف للعيد، حتى أن المقامات في الأندلس لم تعبر عما بلغته روح الكدية مثلما فعل الزجل.