طبقة السياسيين أو من الشعراء المنتمين (أو من المنقطعين) كان يكابد في سبيل الرزق صعابا جمة، وجهده في الكسب هو شعره في التزلف والمدح والكدية السافرة، وأولئك هم الجمهور الأعظم. ولم يكن الشاعر يستطيع، حتى وهو في أعلى درجاته، أن يتنافس الكاتب في المكانة الاجتماعية أو السياسية، وفي بعض الإمارات لم يكن يعد شيئا إلى جانب رجل السيف (ومن هنا كتبت رسائل في المفاضلة بين السيف والقلم حيث كان رجال السيف يتبوؤن الصدارة) . ولذلك تضاعف شأن الحامي الراعي للشعراء وأصبح بالنسبة للشاعر الذي يعتمد عليه يمثل " رابطة حياة ". ولعل ما حدث عند سقوط المعتمد يدل على الناحيتين معا: يدل على ما كان يمثله المعتمد لمن يرعاهم، كما يدل على تغلغل الكدية في نفوس جمهور كبير من الشعراء، فإن المكدين لم يعفوه وهو أمير مقيد من الإلحاح عليه بمدائحهم رجاء جوائزه فتعرض له الحصري في طريقه بالعودة: " ولم يلقه باكيا على خلعه من ملكه؟ بل بأشعار قديمة له، صدرها في الرباب وفرتني، وعجزها في طلب اللهى " فقاسمه المعتمد ما بيده (?) . وتجمعت حوله زعنفة من شعراء الكدية كلهم طامع في صلته وإلى هذا يشير بقوله (?) :

شعراء طنجة كلهم والمغرب ... ذهبوا من الأغراب أبعد مذهب

سألوا العسير من الأسير وإنه ... بسؤالهم لأحق منهم فأعجب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015