2 - مقامة أبي محمد بن مالك القرطبي:
كان أبو محمد يعيش زمنا بالمرية في ظل ابن صمادح على فقر بالغ، وبهذه المقامة خاطب ممدوحه المذكور، وقد اختار ابن بسام أيضا فصولا منها. والفصول الأولى منها كلها مدح وثناء على ابن صمادح وإعلان عن فرحة الكاتب واستبشاره بدولته، وتتصل المقامة بوصف يوم من أيام المعركة أو الاستعداد لها " لا تسمع إلا همهمة وصهيلا وقعقعة وصليلا فخلت الأرض تميل والجبال تكون كثيبا مهيلا لا تسمع إلا أصوات تلك الغمائم وضوضاة تلك الهماهم من وهواه صهيل ودرداب طبول، أزئير ليوث بآجام أم قعقعة رعد في ازدحام غمام "؟. ثم يصف ظهور ابن صمادح " حتى لاح لنا من ملك الأملاك وثابت القمرين في الاحلاك وجه جلا هبوة ذلك العثير والعجاج إلا كدر " وبعد ذلك عاد إلى وصف الجيش وأنواع الأسلحة فوصف الدرع والسيف والرمح وصفا مسهبا ووصف الخيل ذوات الألوان المختلفات من مبيض ومسود وورد واصفر ومحجل، ثم تحدث عن مضاء رأي ممدوحه وعن استسلام عدوه: " فرمى بيده صاغرا إلى السلم ثقة بعضو كظل المزنة الممدود، وكرم كشط اللخة المورودة، فلولا حلم كالجبال رصين، وجود كالسحاب هتون، لبادوا خلال تلك الديار كما بادت جديس في وبار، ونغلت تلك المنازل نغل الجلد، ومحت كما محت وشائع من برد ".
ثم وقف يؤنب الذين يغترون بفضل ممدوحه وكيف أنه حليم لكنهم يحرجونه في حلمه وصوب رأي نفسه في قصده وزعم انه لولا ذلك لكان له في الأرض العريضة مسارح ولكنه لن يستبدل سواه لأخلاقه التي خبرها