وبالطعام فروج، وبالمدام فشب وأسرج، وقلنا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن، وكفانا المحن. "
ثم يصف كيف لجأ إلى مدينة المرية، ولقي المعتصم بن صمادح، فرحب به وحاول ان ينزله عنده على الإكرام فأعلمه انه ماض لعليته ويتصدى ابن مسلم في رسالته لوصف الطبيعة وجمالها حيث يحل، كما يصور جانبا من ترف الحياة الاجتماعية عند من كان ينزل بهم من الأثرياء، إذ يطاف عليهم بصحاف من فضة، وجفان كالجواب أترعت من كل أرب، ويتوضأون بطساس من التبر وأباريق رصعت بالدر، ويقول في بعض تلك الفصول:
" وطلعت منها شجرة مباركة النوى، أصلها ثابت وفرعها في السما، صبغ عودها من الحلي المنيل، وقام عمودها كالأنبوب السقي المديل، والتقت أفنانها التقاء الصعدة بالصعدة، فبينا نحن نعجب من شأنها، ونستغرب مناظر زهرها وأفنانها، إذ سطع من جرثومتها دري المجمر، وارتفع من خلال ملبسها غبار العرف المعطر؛ من دون أن يبدو إلى العيان نارها، وتعلم أن توقد هنديها وغارها، فقلت: تبارك الله كيف تحرق نار خامدة، وتورق أشجار نحسها جامدة ".
ويصف كذلك مجالس الغناء والشراب وطرفا من حياته التي قضاها في ظل المظفر أبي مناد صاحب غرناطة ويسرف في وصف مجالس الخمر، ويتحدث عن شتاء قارس أدركه عند خروجه من غرناطة، فعرج على الحاجب سيف الدولة أبي الفتوح، ووصف حسن تلقيه له، وهو في أثناء ذلك يورد بين القطع الوصفية نصوص رسائله التي كان يبعث بها إلى الوزارة، ثم يصف كيف توجه إلى حضرة المعتضد بن عباد باشبيلية