وبعد ذلك ينتقل القضاعي إلى وجهة أخرى من الهزل والتهكم، فيصور قيمته الميشار؟ على نحو جاحظي - ويخطئ من يحقره، قائلا:
" وهو من الحديد الذي فيه بأس شديد ومنافع للناس، وهو من إرهافه ورقة غراره واضطراب متنه مناسب لحسام الكمي البطل، وحامله غير أعزل، وان شئت استمجدت منه زنادا، أو شفارا حدادا، ومن بديع أعاجيبه أن المدى إن لم تكن مفلولة فهي أبرئ، والميشار لا يحسن قضبه، حتى يفلل غربه، ومن آلات الميشار عصاه التي تثقفه أن ينآد، وتسدده إذا حاد ".
لا نستطيع أن تقول إن هذا الضرب من الرسائل ذو عمق رمزي، وإنما هو يمثل تفننا في ضروب السخرية، ويتوصل به الكاتب إلى أغراضه عن طريق اختياره لموضوع صغير، يحمله ما شاء من نظراته ولمزاته.
ب - الزرزوريات:
أصل هذا النوع من الرسائل استثارة لفظية عابرة طورها الكتاب لإبراز البراعة في التفكه والسخرية. وأول مبتدئ لها الكاتب الوزير أبو الحسين بن سراج (?) فانه خاطب بعض أهل العصر برسالة يشفع فيها لرجل يعرف بالزريزير، يقول في فصل منها:
" كتبت أحرفي والود صقيل الوذائل، مطول الخمائل، جميل البكور والاصائل، والله تعالى يزيد أزهاره وضوحا، وأطياره صدوحا، وظباءه تيامنا وسنوحا؛؟. يصل به، وصل الله علوك، وكبت عدوك، شخص من الطيور، يعرف بالزريزير، أقام لدينا أيام التحسير، وزمان