الفكرة في النظر إلى بعض مراميك، والبحث عن غموض معانيك، فلاحت لي درية مرماك، وأشرفت مطلا على مغزاك، وجدست بعد تسديد سهام التوهم، ورميت عن قسي التفهم، ان علة ضنانك به من اجل ما مر ببالك ذكر الشجرة التي أشرت وفيها يحيى بن زكريا عليه السلام، فتحرجت ان تخرج من حريمك آلة، كانت سببا إلى حدث مشؤوم، بسفك دم نبي كريم ".

فالقضاعي هنا يعرض بابن حسداي لأنه كان؟ قبل إسلامه - يهوديا ويمضي في التعريض بقوله: أن الخشبة التي كان يريد ان ينشرها ليس فيها يحيى، وإنما فيها الأرضة التي أكلت منساة سليمان [لاحظ أيضاً أن الكاتب اسمه سليمان] ثم يذكره ان من بخل بالتافه اليسير فقد ارتكب أسوأ بخل، وربما تآلفت الأضداد، وتشتت الأنداد، وأفادت غير المطلوب، وحالت دون المرغوب: " ألم تر إلى موسى عليه السلام كيف أقبس نارا فاقتبس أنوارا، ووافد البراجم: كيف شم القتار وأم قدما إلى النار؟ ". ثم يتهكم القضاعي بحظوظ الكتاب، ويسخر ممن يحتلون المناصب منهم، وهم غير أهل لها، فيقول: " وألم تعاين الكتابة - التي أنت قطبها، وهي أجل صناعة - ربما عدل بها عن نبلاء المحسنين إلى الدخلاء الأميين الذين لا يعملون الكتاب إلا أماني ". [وقوله من الدخلاء، وقوله لا يعلمون الكتاب إلا أماني غمز شديد، فالآية القرآنية منصرفة إلى أهل الكتاب أنفسهم.] ثم يعيب كتاب زمانه بأنهم يستعملون المعاني المتبذلة السوقية والألفاظ الرذلة العامية التي يعافها الخاصي لسفلتها ويجتنبها العامي لخلاقتها، ويشبه أولئك الكتاب بأنهم " يرقعون خيش الصوفية برقيق البرود المرسية ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015