الصلة بين هذه الرسائل وبين الجو الزمني والتاريخي الدقيق الذي أنشئت فيه لم تحدد، ولو قال أحد النقاد إن هذه الرسائل تمثل تنافس الجواري لاجتياز قلب أحد الأمراء، لما كان قوله هذا خطأ.
وإذا شئنا أن نتصور رأي الأندلسيين أنفسهم في هذه الرسائل، فيحسن ان نرجع إلى رسالة الباجي هذه، إذ كانت في نظر كاتب قدير مثل ابن الحناط نموذجا بلاغيا رفيعا، وله فيها فصل قال فيه: وبعثت إليك برسالة الوزير الكاتب أبي عمر الباجي في البهار؟ منقولة بخطي على اختلاله واختلاف أشكاله - إلا أن الرسالة، وموضعها من البلاغة والجزالة، يغطي على قماءة خطي، ودناءة ضبطي، فاجتلها؟ أعزك الله - عروس فكر، لحظها خير، ولفظها سحر، ومعناها بديع، ومنتماها رفيع " (?) .
وما دام الحديث عن رسائل المناظرة قد وقف بنا عند فكرة الرمز في هذه الرسائل فتستميح القارئ عذرا في الاستطراد قليلا للإجابة على السؤال التالي: هل نستطيع أن نتخذ من أنواع أخرى من الرسائل رموزا لأمور أبعد من ظاهرها؟ وخاصة في تلك الموضوعات الصغيرة التي يتصدى الكتاب لمعالجتها في أسلوب جاد ملحمي؟
وإنما الذي أثار هذا السؤال نوع من الرسائل نجد أنموذجه في رسالة كتبها أبو الربيع سليمان بن احمد القضاعي وخاطب بها يوسف بن حسداي الاسلامي، وقد طلب منه آلة نجار خدم عنده، فوجه بها حاشا الميشار (?) .
وفيها يقول:
" وقد أنكرت أشد الإنكار، بجلك بالميشار، وأعملت