لأنه منهم، وإذا تحدث بالتسليم المطلق عن رياسة الورد وإقرار الأزهار له بذلك، فإنما يرمي إلى الإيماء بأن صاحبه متفرد بين الرؤساء تفرد الورد بين النوار، وأن هذا التفرد يجب أن يؤخذ بالتسليم الكامل، اعترافا بالحق كما اعترفت الأزهار دون تردد أو حقد بزعامة الورد، فإذا كان لا يرمز إلى صاحبه فلعله أن يكون قد رمز بذلك إلى ما يتمناه لنفسه من تسليم الكتاب له بالتقدم عليهم جميعا. ثمة إشارة ربما لم يقصدها ابن برد، وهي أن مجلس الجماعة في الأندلس ظل يعمل مثلما كان يعمل من قبل، ولكنه أصبح صوريا لا يملك المناقشة وإنما يبادر إلى التسليم.

أما حبيب الحميري فانه حين فضل البهار مناقضة لابن برد، لم يلحظ سوى الشكل الأدبي الذي يريد إظهار براعته من خلاله. وقد ذهب أبو عمر الباجي إلى تفضيل البهار أيضا في رسالة كتبها إلى المقتدر بن هود، وهي في جملتها تذكير بالذات، والتميز على الاقران، والتخلص من حسد الحاسدين، وفيها يقول:

" أطال الله بقاء المقتدر مولاي وسيدي، ومعلي حالي ومقيم أودي، وأعاذني من خيبة االعناء، وعصمني من إخفاق الرجاء، ولا أشمت عدوا من الرياض يناصبني، وحاسدا من النواور يراقبني، وقد علم الورد موقع إمارتي، وغني بلطف إيمائي عن عبارتي، وأنها تحية الزهر حياك بها، وخبيئة الدهر ذخرها لك وأهلك لها، وقد أتيت في أواني، وحضرت وغاب أقراني، ولم أخل من خدمتك رتبتي ومكاني ".

ولا بأس من أن نرى رمزا كالذي رأيناه في رسالة النرجس لابن حسداي، ولكني لا أتشدد في تعيين طبيعة هذا الرمز حقا، لأن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015