ومراعاة أوقات الترقيع "؟ إذا سمعنا ذلك حسبنا الجاحظ يتحدث بطريقته الأسلوبية التي تعتمد التنويع في سرد المتعاطفات دون إيثار للسجع.
وكذلك هي رسالته في " النخلة " (?) فقد بناها على عنصري السخرية وإظهار مدى اطلاعه وثقافته. وشبيه به في هذا ابن زيدون، فان إيثاره للازدواج على السجع هو إيثار للطريقة الجاحظية. ولو أخذنا الرسالة الهزلية نموذجا لوجدناها ذاهبة في هذا المنزع من تقليد رسالة التربيع والتدوير (?) وليس ابن زيدون منفردا بالعناصر الثلاثة التي اعتمدها في رسائله، وهي الإكثار من الأمثال، وحل الشعر، والتلويح بالإشارات إلى الأشخاص والأحداث، فقد أضحت هذه العناصر سمة عامة لأكثر ضروب النثر الأندلسي في هذا العصر حتى تكاد تكون بعض الرسائل جمعا لهذه الأركان جميعا في نطاق واحد.
وكان ابن عبد الغفور أشد الكتاب إعجاباً بأبي العلاء، حتى حاكى كثيرا من كتبه، حسبما قدمنا من قبل، فقد حاكى كتاب " السجع السلطاني " واستفتح محاكاته بقوله: " بالبيان رجح القلم القناة، وان كانت أطول باعا، وفضلت الساجعة غيرها، وربما أبصرت أجمل قناعا، ولكن وجدنا من الفضل للسان، ما لا يستطيع قدره كل انسان، والحمد لله الذي رزقني منه ما إن لم أتش به، فأني أتميز به من الأمة الوكعاء، وإن لم أجر به في حلبة الضمر الاعوجية فاني أسبق في جملة الأهلية " (?) . هذا إلى كتب أخرى ألفها في معارضة المعري.
والتقى أثر أبي العلاء والحريري وابن نباتة عند الكاتب ابن أبي