ومن التعبيرات التي عاب بها ابن نماره قوله: " فمن نعمانتين في روض تلك الوجنتين " وقوله: " كسر الله ساق كل ثقيل ".
ومن هؤلاء الزجالين المتقدمين أيضاً يخلف ابن راشد الذي عاب ابن قزمان زجله بشدة الأسر فقال:
زجلك يا ابن راشد قوي متين ... وان كان هُ للقوة فالحمالين وتعني ملاحظات ابن قزمان على من سيقوه كثير، منها أن الأعراب يشين الزجل، وان الأصل في الزجل ليس للجزالة، كما هي أزجال ابن راشد، وإنما الرقة فيه مطلوبة مع لطف في التخيل وحسن السبك. وهذا يدل على ان الزجل؟ بعد مرحلة الأغنية الشعبية - دخل في دور من " التفصح "، بعض الشيء، واخذ نظامه يتشبهون بالشعراء حتى كاد يمحي الفرق بين الزجل الشعبي والشعر الملحون.
على ان المقاطع الزجلية التي ساقها ابن قزمان لابن نمارة لا تدل على هذا الاتجاه. غير أن صفي الدين يقول: " وأول ما نظموا الأزجال جعلوها قصائد مقصدة وأبياتا مجردة في أبحر عروض العرب، بقافيةواحدة، كالقريض لا نغايره بغير اللحن واللفظ وسموها القصائد الزجلية " (?) . وإذا لم يكن حكم الحلي مبنيا على ما رآه من قصائد مدغليس؟ وهو متأخر - بحيث يرفض حكمه إطلاقا، فأنه أيضا لا ينطبق على دور الأغنية الشعبية، وإنما يصدق على دور تال لها عندما اصبح الزجل لونا من الشعر الملحون، ولا ريب في أن لابن نمارة فضلا في العودة بالزجل إلى صورة مستقلة استقلالا واضحا عن الشعر، وان لم يخلص تماما من الأعراب؟ ثم كان ابن قزمان، وهو ذو الأفضل الأكبر في إعطاء الزجل شكله النهائي في مراحل التصور، وهذا هو الدور الثالث