" المونولوج " الداخلي وتيار الحياة الخارجي، ولكن الشاعر آثر ان ييسر على نفسه حين راوح بين القصص السردي والتأمل الاستطرادي، حتى انه ليستنفر الأسلوب الملحمي في سياق القصة نفسه:

يا ذكريات علام جئت على العمى وعلى السهاد ... لا تمهليها فالعذاب بأن تمري في اتئاد ... قصي عليها كيف مات وقد تضرج بالدماء ... فبدلا من ان يتركها تعرض القصة من الداخل، يأخذ هو دور الموجه للسياق القصصي.

اذن فإن المبنى لا يجعل من قصيدة " المومس العمياء " قصيدة متميزة، أو نموذجا للقصيدة كما يريدها الشعر الحديث، فهل هناك عناصر تكفل لها القبول في النطاق الشعري العام؟ هناك لباب وأهداب:

أما اللباب فيتمثل في الفكرة المحورية وهي الصورة الداخلية القابعة وراء الانشغال بالصورة الجزئية، صورة فتاة مسكينة جنت عليها ظروف العيش. وتقول الصورة ان المجتمع؟ من حيث الأخذ والعطاء - فريقان: فريق المسخرين؟ بفتح الخاء المشدودة - وهم هؤلاء الطيبون الذين يؤجرون مقابل الشبع، وهم يأنفون من لفظة " بغي " دون أن يكون بينهم وبينها فرق طبيعة المعاملة المتسلطة التي تنحدر فوق رؤوسهم؛ وفريق أرباب " السهام التبرية " التي تصفر في الهواء، وبها قتل والد سليمة، وباسمها قامت الحرب، وبفعلها تم تحويل البنت الشريفة إلى بغي، والرجل العاطل إلى قواد، والشرطي إلى حارس على ممارسة الزنا بعد دفع الثمن للدولة؛ وعندما تحول هذا المجتمع على هذا النحو انقسم أهله في فريقين: فريق السكارى وهم الرجال العمي الذين يدفنون خروق جواربهم في أحذيتهم ويساومون البغي ليوفروا ثمن العطور، وفريق البغايا وهن جميع النساء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015