مدلة بنسبها العربي، لم لا يأتي هؤلاء السكارى فيضاجعون دماء الفاتحين؟ دم خير الأمم كما كان أبوها يقول - ليكون في ذلك درس لكل أب لا يزوج ابنته متشبثا بخرافة النسب. وتسطع المفارقة حين تتذكر المصباح الذي تضيئه للآخرين وهي لا تراه، بزيت تدفع ثمنه من سهاد مقلتها الضريرة؟ والزيت غزير في بلدها -؛ عشرون عاما مضت وهي تأكل بنيها من سغب، تريد الحياة وهي تخون سنة الحياة، وقد ماتت " رجاء " ابنتها، ولكن موتها كان راحة لها؟ انتظار؟ انتظار: " الباب اوصد، ذلك ليل مر، فانتظري سواه ".
ومن هذا العرض الموجز يتضح مبنى القصيدة، وتظهر الحلقات التي تكون السلسلة: الطيور؟ القهقهات؟ وقع أقدام؟ تذكر المصباح؟ وفي جوف كل حلقة منها خواطر مستدعاة أيضاً، فالتداعي في داخل الحلقات موضوعي (مثلا: تمني الزواج؟ لا زواج فالانتحار بديل - لا انتحار فاحتجاج جريح: لم تستباح؟) ولكن تداعي الحلقات نفسها تعسفي يفرضه الشاعر للاستمرار في البناء، وليس من رابطة بينهما كما أشرت من قبل - سوى صلتها بالمرأة التي تتحدث عنها القصيدة. وهذا بناء سهل لا يكلف الشاعر شيئا من التخطيط سوى ان يترك " بطل " القصيدة حرا في هواجسه، يثبت ما يشاء منها ويحذف ما يشاء، ولا يقف هذا الشكل حين يقف الا عند التعب من التذكر أو عند فقدان المدد الهاجسي الصالح للإثبات والاختيار، ولهذا جاءت خاتمة القصيدة مؤقتة اعني أنها حين أعلنت " ذلك الليل مر فانتظري سواه " تركت الباب مفتوحا للتقفية على آثارها بقصيدة أخرى؛ ومثل هذا المبنى يوفر وحدة موضوعية ونفسية كما يكفل إيجاد جو عام يقوي هاتين الوحدتين ولكنه لا يستطيع أن يؤمن " وحدة ضرورة " اعني نمو الحلقات نموا حتميا، إحداهما من الأخرى. وقد كان من الممكن لهذا المبنى ان يكون مركبا لو كانت الرجعات الخاطفة تنقلا بين