- 16 -

المومس العمياء

حين انتقل الشاعر إلى كتابة قصيدة " المومس العمياء " لم يكن يدرك أن القصيدة التي تبنى على التضاد بين موضوعين (كالحياة والموت أو الحرب والسلام) قد تخفق، ولم يحس انه قد اخفق حقا في هذه المحاولة مرتين، ومع ذلك فانه في قصيدة " المومس العمياء " تجنب موضوع التضاد، شبعا مؤقتا من ذلك النوع من المبنى، وانتحى منحى آخر، لعله ابسط بكثير من البناء المزدوج.

كان في قصيدة " حفار القبور " قد ترك الباب مفتوحا ليعود إليه، لكنه بدلا من ان يعاد الكتابة مرة أخرى عن الحفار، وجد انه قد ضحى بالمرأة البغي في سبيل التصوير الفني حينئذ، فلم لا يتناول الحديث من زاوية النظر إلى تلك المرأة، فان الموضوع اشد اثارة واقرب إلى النفوس من موضوع " الحفار "؛ وإذا كانت شخصية الحفار تمثل النزعة السادية الطاغية؟ كما أشرت من قبل - فأن تصوير نظريتها، في حالة استسلامية، اقرب إلى الناحية الإنسانية لأنه يستطيع ان يثير قدرا اكبر من الشفقة والعطف والرثاء.

ولقد كانت بعض الأدوات التي أسعفته في قصيدة الحفار ما تزال جاهزة لديه: فهو بحاجة إلى المنظر الليلي وإلى صورة الحارس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015