يقولون لكم جدوا ... فهذا آخر الدنيا
قال: وحدثنا أبو الفضل بن جعفر ثنا غزوان بن عبد الرحمن بن غزوان قال: كنت جالسا مع أبي بالبصرة إذ قيل شيخ على حمار في عنقه حبل ليف بالتسليم به وقال: من أين أقبلت؟ قال: فكرت في أهل هذا العسكر ليلا فغدوت عليهم فقلت:
وعظتك أحداث صمت ... وبكل ساكنة حفت
وتكلمت عن أعظم ابتلاء ... وعن صور سهت
وأرتك قبرك في القبور ... وأنت حي لم تمت
ثم ولى غير بعيد ثم أقبل فقال:
ولربما انصرف الشمات ... فحل بالقوم الشمت
فقلت: هذا الشيخ هو أبو العتاهية، والأبيات معروفة.
وروى ابن أبي الدنيا بإسناده عن سلام بن صالح قال: فقد الحسن ذات يوم فلما أمسى قال له أصحابه: أين كنت؟ قال: كنت اليوم عند إخوان لي إن نسبت ذكروني وإن غبت عنهم لم يغتابوني فقال له أصحابه: نعم الإخوان والله هؤلاء يا أبا سعيد دلنا عليهم قال: هؤلاء أهل القبور.
وبإسناده عن عبد الواحد بن زيد أن الحسن قال لأصحابه وهم في المقابر: هم أهل محلة قد كفي من جلس إليهم الكلام وله في الجلوس إليهم الموعظة والإعتبار.
وروى بإسناد منقعط أن علي بن أبي طالب قيل له: ما شأنك جاورت المقبرة؟ قال: إني أجدهم جيران صدق يكفون الألسن ويذكرون الآخرة.
وبإسناده عن عمارة المغربي قال: قال لي محمد بن واسع: ما أعجب إلي منزلك وما يعجبك من منزلي وهو عند القبور؟ ! قال: وما عليك يكفون الأذى ويذكرون الآخرة.
وبإسناده عن ميمون بن مهران قال: قال أبو الدرداء: إن لكم تعانينه الداريين لعبرة تزورورنهم ولا يزرونكم وتنتقلون إليهم ولا ينتقلون إليكم يوشك أن تستفرغ هذه ما في هذه.