وبإسناده عن الحسن بن عثمان بن أبي العاص كان في جنازة فرأى قبرا خاسفا فقال الرجل من أهل: يا فلان تعالى انظر إلى بيتك الذي هو بيتك قال: فقال: ما أرى في بيتي طعاما ولا شرابا ولا ثيابا قال: فإنه بيتك قال: صدقت قال: فرجع فقال: والله لأجعلن ما في بيتي هذا في بيتي ذاك قال الحسن: هو والله التشدد والهلكة والله لتصبرن أو لتهلكن.
وفي رواية قال: أراه ضيقا يابسا مظلما ليس فيه طعام ولا شراب ولا زرجة وقد نزلت بيتا فيه طعام وشراب وزوجة قال: قال: والله بيتك قال: وصدقت أما والله لو قد رجعت نقلت من ذلك إلى هذا.
وعن ابن شوذب قال: اطلعت امرأة إلى قبر فرأت اللحد فقالت لامرأة معها: ما هذا: يعني اللحد قالت: هذا كندوج العمل قال: وكانت تعطيها الشيء وتقول: اذهبي فضعي هذا في كندوج العمل.
وعن الحسن أنه مر على مقبرة فقال: يا لهم من عسكر ما يسكتهم وكم فيهم من مكروب.
وعن الفضل الرقاشي أنه كان إذا ذكر زهد في الدنيا يقول: مررت بالمقابر فوقفت فناديت: يا أهل الشرف والغناء والتباهي يا أهل اللباس والنجدة والأمن والزجول يا أهل المسألة والحاجى والفاقة ويا أهل النسك والإخبات والإنابة والإجتهاد فما ردت علي فرقة منهم ولعمري إن لم يكونوا أجابوا جوابا لقد أجابوا اعتبارا.
وعن مالك بن دينار قال: خرجت أنا وحسان بن أبي سنان نزور المقابر فلما أشرف عليها سبقته عبرته ثم أقبل علي فقال: يا يحيى! هذه عساكر الموتى ينتظر بها من بقي من الأحياء ثم يصاح بهم صيحة فإذا هم قيام ينظرون فوضع مالك يده على رأسه وجعل يبكي.
وعن عاصم الحيطي قال: كنت أمشي مع محمد بن واسع فأتينا المقابر فدمعت عيناه ثم قال: يا عاصم لا يغرنك ما ترى من خمودهم فكأنهم وقد وثبوا من هذه الأجداث فمن بين مسرور ومهموم.