في المعنى:
لكل أناس مقبر بفنائهم ... فهم ينقصون والقبور تزيد
وما أن ترى دارا لحي قد أقفرت ... وقبر لميتة بالفناء جديد
فهم جيرة الأحياء أما محلهم ... فدان وأما الملتقى فبعيد
وعن بعضهم أنه مر في سفره بمقبرو لبعض المدن، فقال:
كفى حزنا أن لا ببلدة ... من الأرض إلا دون مدخلها قبر
وعن جعفر بن سليمان، قال: كنا نخرج مع مالك بن دينار زمان الحطمة فنجمع الموتى ونجهزهم فيخرج مالك على حمار قصير لجامه من ليف عليه عباءة مرتديها فيعظنا في الطريق حتى إذا أشرف على القبور قال بصوت له محزون: رحمة الله عليه نفعنا الله بأقرب الخلق إليه:
ألا حي القبور ومن بهنة ... وجوه في التراب أجبنهنه
ولو أن القبور أجبن حيا ... إذا لأجبتني إذا أنصتنه
ولكن القبور صمتن عني ... فأنت تحسره من عند هنه
قال: ثنا يحيى عن عبد الله بن جعفر بن سليمان أمير البصرة مر به رجل كان يعظ الناس فقال له عبد الله: عظني ببيت من الشعر فقال:
إذا ثوى في القبور ذو خطره ... فذره فيها ولا تنظر إلى خطره
فبكى عبد الله بن جعفر وكان ابن السماك يتمثل بهذا البيت ويزيد فيه بيتا آخر:
أبرزه الموت من مساكنه ... ومن مقاصيره ومن حجره
قال ابن أبي الدنيا: ثنا إسماعيل بن عبد الله العجلي قال: أنشدنا رجل ونحن بالمقابر:
ألا يا عسكر الأحياء ... هذا عسكر الموتى
أجابوا الدعوة الصغرى ... وهم ينتظرون الكبرى
يحثون على الزاد ... وما زاد سوى التقوى